إصلاحان رئيسيان يدفعان بتطوير قطاع الطماطم في الجزائر نحو العالمية
شهد قطاع الطماطم في الجزائر خلال السنوات الأخيرة نقلات نوعية بفضل سياسات حكومية جريئة هدفت إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وفتح آفاق التصدير. فقد أثرت إصلاحات حديثة في شكل مشهد الزراعة والصناعة الغذائية المرتبطة بالطماطم، وأسهمت في ازدهار هذا القطاع بشكل غير مسبوق.
أولى هذه الإصلاحات تمثلت في رفع الرسوم الجمركية على واردات معجون الطماطم والمنتجات المشتقة، حيث فرضت السلطات الجزائرية رسوماً قُدِّرت بنحو 30% حقوق جمركية إضافة إلى ضرائب إضافية تقدر بـ 120% على الواردات. أدى هذا القرار إلى تشجيع المستثمرين المحليين والمزارعين على التوجه نحو الإنتاج الداخلي عوضاً عن الاستيراد، وساعد ذلك في صعود صناعة المعجون والمعلبات الطازجة من الطماطم محلياً، ما خلق فرص عمل جديدة وقلل من عجز الميزان التجاري الزراعي.
أما الإجراء الثاني، فهو الاستراتيجية الطموحة التي أطلقتها الحكومة لاستصلاح واستغلال قرابة 122,000 هكتار من الأراضي الزراعية غير المستثمرة، في إطار دعم التوسع في زراعة الطماطم وتحقيق إنتاج وفير. جاء هذا المخطط ضمن خطط بعيدة المدى لتعزيز الأمن الغذائي وتطوير الصادرات نحو الأسواق الأجنبية، لا سيما الأوروبية منها، التي باتت تستقطب اهتمام المصدرين الجزائريين بسبب الطلب المتزايد على منتجات الطماطم المتوسطية.
وقد أثمرت هذه السياسة عن زيادة غير مسبوقة في إنتاج الطماطم؛ ففي السنوات الأخيرة تجاوز الناتج السنوي 2.7 مليون طن، مما جعل الجزائر قريبة من دخول قائمة الدول المصدرة للطماطم ومعجونها بشكل تنافسي. ورغم أن الجزائر لم تبلغ بعد مستويات التصدير الكبرى، إلا أن المؤشرات الحالية تدل على تحولات مهمة ستجعل هذا القطاع منافساً رئيسياً في السنوات المقبلة، خاصة مع اهتمام الحكومة بتطوير سلاسل القيمة ودعم الفلاحين بالتقنيات الحديثة لتحسين الجودة وزيادة الطاقة الإنتاجية.
تجدر الإشارة إلى أن تطور قطاع الطماطم انعكس أيضاً بشكل إيجابي على الصناعات الغذائية المرتبطة به، من خلال ظهور وحدات تحويلية جديدة وشركات للشحن والتغليف. كل هذه العوامل مجتمعة تشير إلى مستقبل واعد لهذا القطاع، الذي يطمح ليكون أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي الجزائري والمحرك الأساسي لتنمية الريف وخلق فرص الشغل للشباب.