إقرار تعديلات جديدة لحماية المسؤولين الإداريين في الجزائر من المتابعة الجزائية

أقدمت الجزائر مؤخراً على خطوة مهمة نحو توفير حماية أفضل للمسؤولين والمُسيّرين الإداريين من الملاحقات القضائية التعسفية عبر تبني تعديلات جوهرية في قانون الإجراءات الجزائية الجديد. وتأتي هذه الخطوة في إطار الإصلاحات التشريعية الرامية إلى تشجيع المبادرة والمسؤولية في إدارة الشؤون العامة، مع ضمان توازن دقيق بين حماية المال العام وتمكين الإطارات من أداء مهامهم دون تهديد بالتجريم غير العادل.

وانطلقت هذه التعديلات بعد ملاحظة أن العديد من الإطارات العمومية كانوا يتعرضون -في فترات سابقة- لملاحقات قانونية بسبب أعمال تدخل ضمن صميم صلاحياتهم الإدارية، مما أدى إلى حالة من التردد في اتخاذ القرارات وخلق بيئة بيروقراطية مثقلة بالقيود. كما أن هذا الواقع ساهم في عزوف العديد من الكفاءات عن تولي مناصب المسؤولية خوفاً من الملاحقة، وهو ما أثر على نجاعة العمل الإداري.

وتستند الإجراءات الجديدة في قانون الإجراءات الجزائية، التي أُدرِجت في الجريدة الرسمية، إلى رفع التجريم عن “أعمال التسيير الإداري” إذا لم تكن ناتجة عن سوء نية أو فساد أو منفعة شخصية. وتنص المادة 56 المعدلة على ضرورة مراعاة الظروف والنيات عند النظر في قضايا تسيير الإداريين، بحيث لا تتخذ إجراءات جزائية ضدهم إلا في حال توفر دلائل جدية على وجود تجاوزات جنائية واضحة.

وقد قوبلت هذه الخطوات بترحيب واسع من طرف الإطارات والفاعلين في الشأن العام، إذ اعتبرها الكثيرون مكسباً قانونياً يدعم النزاهة والفعالية في المؤسسات العمومية. ومع ذلك، دعا آخرون إلى ضرورة مراقبة التطبيق الحرصي لهذه النصوص، للتأكد من عدم تحولها إلى غطاء لأي تجاوزات تُرتكب باسم المسؤولية الإدارية، مع المحافظة على استقلال القضاء ودوره في حماية المال العام ومكافحة الفساد.

من المنتظر أن تسهم هذه التعديلات في خلق مناخ إداري سليم يحرر طاقات الإطارات في مختلف الهيئات الوطنية، وبالتالي تحفيزهم على اتخاذ قرارات جريئة تخدم الصالح العام دون خوف من تهديدات قانونية لا مبرر لها.

موضوعات ذات صلة