اكتشاف حصن إسباني نادر من القرن الثامن عشر في قلب وهران الجزائرية

شهدت مدينة وهران الجزائرية مؤخرًا حدثًا تاريخيًا لافتًا بإعادة اكتشاف حصن إسباني يعود للقرن الثامن عشر، وهو ما اعتبره باحثون علامة بارزة في دراسة الموروث المعماري والاستعماري للمدينة. فقد كشفت المهندسة المعمارية والباحثة الجزائرية رجاء فرحات عن وجود حصن سان فيرناندو، الذي كان مطمورًا ومجهولًا لدى معظم سكان المدينة، في أحد الأحياء الشعبية بوهران.

يرجع تاريخ إنشاء هذا الحصن الدفاعي إلى فترة الاحتلال الإسباني للمنطقة، حين كانت وهران تمثل موقعًا استراتيجيًا هامًا على ساحل شمال إفريقيا. بني الحصن في القرن الثامن عشر كجزء من سلسلة الدفاعات التي وضعها الإسبان من أجل حماية مصالحهم التجارية ومواقعهم العسكرية في البحر الأبيض المتوسط. ظلت العديد من معالم هذا الحصن مخفية عن الأنظار بفعل التحولات العمرانية والتاريخية التي شهدتها المدينة طوال القرون الماضية.

تأتي أهمية هذا الاكتشاف من إماطة اللثام عن مرحلة شبه مجهولة من التاريخ الاستعماري في وهران، إذ يعتقد البعض أن هذه البناية كانت تستخدم كمركز مراقبة عسكري وكنقطة استراتيجية لتأمين الشريط الساحلي للمدينة، إضافة إلى كونها صلة وصل بين الحاميات الإسبانية والمنشآت الدفاعية الأخرى في المنطقة مثل قلعة سانتا كروز الشهيرة. وأشارت الباحثة رجاء فرحات إلى أن التحريات الميدانية ودراسات الأرشيف أسهمت في الكشف عن معالم الحصن وهويته بدقة.

لاقى الخبر ترحيبًا كبيرًا في الأوساط الأكاديمية وعند نشطاء حماية التراث، الذين يرون فيه فرصة لإعادة تقييم إرث وهران العمراني وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية وتاريخية هامة. وجددت هذه الاكتشافات المطالب بضرورة حماية المواقع الأثرية وصيانتها، حتى تظل شاهدة على تاريخ المنطقة المتعدد الثقافات وتتوارثها الأجيال القادمة.

يذكر أن وهران عرفت تاريخيًا بكونها ملتقى للحضارات والأديان، وكانت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر مسرحًا لصراعات حامية بين القوى الأوروبية للسيطرة على سواحل شمال إفريقيا. ويبرز اكتشاف حصن سان فيرناندو اليوم أهمية البحث العلمي في استعادة ذاكرة المدن والتعريف بجذور الهوية الجزائرية عبر الفترات المختلفة من تاريخها.

موضوعات ذات صلة