الجبهة الوطنية تحقق اختراقاً في البرلمان الفرنسي بشأن الاتفاق الفرنسي الجزائري
شهد البرلمان الفرنسي يوم الخميس 30 أكتوبر 2025 حدثاً سياسياً لافتاً، حيث نجح حزب التجمع الوطني، للمرة الأولى منذ تأسيسه قبل خمسة عقود، في تمرير اقتراح قرار في الجمعية الوطنية. وقد كان محور هذا القرار الدعوة إلى مراجعة الاتفاق الفرنسي الجزائري المبرم عام 1968، والذي ينظم الإقامة والتنقل بين البلدين، بحجة أن الاتفاق أصبح غير متناسب مع المتغيرات الحالية في فرنسا.
وجاء هذا التحرك من التجمع الوطني في سياق تصاعد الخطاب اليميني داخل المشهد السياسي الفرنسي، حيث يُتهم الحزب بتوظيف ملف الهجرة والعلاقات مع الجزائر كوسيلة لتعزيز شعبيته بين الناخبين المحافظين واليمينيين. ففي حين اعتبر الحزب المبادرة خطوة لاستعادة “السيادة القانونية” لفرنسا، رأى مراقبون أنها تعكس تصاعد النزعة الرافضة للآخر، وبالأخص الجالية الجزائرية التي تعتبر من أكبر الجاليات في فرنسا.
عديدة كانت ردود الفعل داخل البرلمان وخارجه، حيث اعتبر بعض النواب من تيارات الوسط واليسار أن المقترح يذكي خطاب الكراهية ويستهدف فئة بعينها من المجتمع. في المقابل، رحب به جزء من الأحزاب اليمينية بدعوى أنه يعيد فتح نقاش حول العلاقة الخاصة والتاريخية بين فرنسا والجزائر، وضرورة تحديث الاتفاقيات التي مضى عليها أكثر من نصف قرن.
الجالية الجزائرية في فرنسا عبرت عن قلقها إزاء هذه التطورات، بالنظر إلى أن أي تعديل أو إلغاء للاتفاقية قد يؤثر بشكل مباشر على أوضاعهم القانونية والاجتماعية. كما حذرت جمعيات حقوقية من مخاطر تصاعد التوتر والتحريض ضد الأجانب في البلاد نتيجة استغلال بعض الأحزاب لهذا النوع من الملفات الحساسة.
يشار إلى أن الاتفاق الفرنسي الجزائري لعام 1968 يُعد من الركائز الأساسية في تنظيم حركة الأشخاص بين البلدين، وقد أُبرم في سياق خاص بعد استقلال الجزائر. وتثير أي محاولة لمراجعته حساسية كبيرة في الأوساط الفرنسية والجزائرية على حد سواء، بالنظر إلى الإرث التاريخي الكبير للعلاقات بين البلدين.
وبينما يرى أنصار القرار أنه ضرورة لمواكبة الأوضاع الحالية، يحذر آخرون من أن مثل هذه الخطوات قد تزيد من الفجوة والتوتر داخل المجتمع الفرنسي، وخاصة في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.