الجزائر تؤكد ثوابتها في قضايا الهجرة: رسائل جديدة إلى أوروبا

تشكل قضية الهجرة غير النظامية محورًا متجددًا للعلاقات بين الجزائر ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة إسبانيا، في ظل تصاعد الضغوط على الحدود الجنوبية لأوروبا ورغبة دول الضفتين في إيجاد حلول مشتركة تضع حدًا لهذا التدفق المستمر. وبينما عُرفت الجزائر تاريخياً بأنها دولة عبور للمهاجرين، فقد أصبحت اليوم أيضًا بلد منشأ وبلد وجهة لبعض الفئات، ما دفعها إلى تبني مواقف واضحة في الحوار مع الشركاء الأوروبيين.

في الأشهر الأخيرة، استضافت الجزائر عدة وفود أوروبية لمناقشة ملف الهجرة، كان آخرها اللقاء الذي جمع مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى مع وزير الداخلية الإسباني. وأكد الجانب الجزائري خلال الاجتماعات على ثلاثة محاور رئيسية تشكل جوهر رسالته إلى أوروبا:

1. الشراكة في المسؤولية والحلول المشتركة:
تدعو الجزائر إلى تقاسم الأعباء والمسؤوليات بدل الاكتفاء بالحلول الأمنية أو الترحيل القسري. وتشدد على الحاجة إلى تعاون مبني على التنمية المتوازنة والاستثمار في المناطق المصدرة للهجرة، لتقليص دوافع الشباب على الهجرة السرية، بدل معالجة نتائج الظاهرة فقط.

2. احترام السيادة الوطنية والخصوصيات الداخلية:
أكد المسؤولون الجزائريون مرارًا رفضهم لأي ضغوط أو إملاءات أوروبية تتعلق بسياسات الهجرة، باعتبار أن معالجة الظاهرة يجب أن تتم في إطار من الاحترام المتبادل للسيادة والقوانين الوطنية. وترى الجزائر أن نجاح التعاون لن يتحقق إلا عبر انتهاج مقاربات تأخذ بعين الاعتبار الوضع الداخلي وسياسة البلاد.

3. مكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز التعاون الأمني:
تضع الجزائر أولوية خاصة لمحاربة شبكات تهريب البشر والجريمة المنظمة المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، مع التأكيد على تعزيز تبادل المعلومات والتعاون الأمني مع دول الجوار الأوروبي. وترى الجزائر أن التحدي الأمني عابر للحدود ولا يمكن لأي دولة معالجته منفردة.

وفي ظل التغيرات الإقليمية وتزايد أعداد المهاجرين نحو أوروبا منذ بداية عام 2025، يُنتظر أن تشهد الشهور القادمة تكثيفاً للحوار بين الجزائر والدول الأوروبية للبحث عن صيغ عملية تحترم المصالح المتبادلة، في ظل تأكيد الجزائر على ثوابتها وإصرارها على أن تكون الحلول نتاج شراكة عادلة وليست استجابة لضغوط أحادية.

موضوعات ذات صلة