الجزائر تتجه لاستيراد العجول من أمريكا الجنوبية بدلاً من فرنسا: دوافع اقتصادية واستراتيجية

في تطور جديد في سياسة الاستيراد الغذائي للجزائر، قامت السلطات المختصة بإعادة النظر في مصادر استيراد العجول الحية لتغطية الطلب المحلي المتزايد على اللحوم. فبعد أن كانت فرنسا المصدر الأساسي للعجول التي تصل إلى الجزائر عبر البحر الأبيض المتوسط خلال يومين فقط، بدأ الاتجاه حالياً نحو الاعتماد على دول أمريكا الجنوبية، مثل البرازيل والأوروغواي، رغم أن العجول القادمة من تلك المنطقة تستغرق رحلة بحرية طويلة قد تصل إلى ثلاثة أسابيع عبر المحيط الأطلسي.

ويرى خبراء في القطاع الزراعي والغذائي أن انتقال الجزائر لشراء العجول من أمريكا الجنوبية يرتبط بعدة اعتبارات، أهمها التكلفة المنخفضة مقارنة بالمواشي الفرنسية، على الرغم من زيادة مصاريف الشحن البحري وطول مدة النقل. وتشير المعطيات الاقتصادية إلى أن أسعار العجول القادمة من أمريكا الجنوبية تسمح للجزائر بالحصول على كميات أكبر بنفس الميزانية المخصصة للاستيراد، ما يساهم في معالجة مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم محلياً وضمان استقرار التموين في الأسواق، خاصة خلال المناسبات والأعياد التي يزداد خلالها الطلب.

تعود أسباب انخفاض الأسعار في أمريكا الجنوبية إلى عوامل عديدة، أبرزها وفرة الإنتاج وتكاليف التربية المنخفضة هناك، إلى جانب تطور منظومة التصدير وخبرة هذه الدول في تصدير المواشي عبر البحار لمسافات طويلة. من جهة أخرى، أدى ارتفاع أسعار المواشي والإنتاج الزراعي في فرنسا خلال السنوات الأخيرة إلى تزايد الفجوة السعرية بين البلدين، وجعل التحول إلى موردين آخرين أمراً جاذباً اقتصادياً للجزائر.

ولم يقتصر القرار على البعد الاقتصادي فقط، بل هناك أيضاً اعتبارات متعلقة بتوفير مصادر متنوعة للاستيراد، وتقليل الاعتماد على جهة واحدة، ما يعزز الأمن الغذائي الوطني ويوفر للحكومة مرونة أكبر في تدبير أسواق جديدة عند الحاجة.

ختاماً، يعكس هذا التحول في سياسة الاستيراد الجزائرية ديناميكية اتخاذ القرار والبحث المستمر عن حلول تلبي الحاجيات الوطنية بأقل التكاليف الممكنة، مع الحفاظ على جودة المنتج وضمان سلامة الإمدادات الغذائية للسكان.

موضوعات ذات صلة