الجزائر تشدد إجراءاتها على المستوردين لمكافحة التهرب الضريبي
في إطار جهودها المكثفة لمحاربة التهرب الضريبي وتنظيم التجارة الخارجية، اتخذت السلطات الضريبية الجزائرية مؤخراً خطوات جديدة وتشديدات صارمة تهدف إلى تعزيز الرقابة على أنشطة المستوردين والمتعاملين في قطاع التجارة الدولية.
وجهت المديرية العامة للضرائب تعليمات إلى مختلف المصالح الجبائية لتعزيز المتابعة الدقيقة والمعمقة على عمليات الشركات والأفراد الخاضعين لنظام التصريح الحقيقي، خاصة أولئك المنخرطين في أنشطة الاستيراد والتصدير. وتعتمد هذه الإجراءات الجديدة على دراسة نمط المعيشة ومصادر دخل المستوردين لمقارنتها بحجم العمليات التجارية المصرح بها وملاءمتها للواقع، بغرض كشف أي تناقضات قد تشير إلى تورط محتمل في الممارسات الضريبية غير القانونية أو محاولة التهرب من دفع الضرائب المستحقة.
ولم تقتصر عمليات التشديد على الاستيراد التقليدي فقط، بل شملت أيضاً الأنشطة ذات الطابع الرقمي، حيث باتت التعاملات الإلكترونية تخضع هي الأخرى للفحص، وسط توسيع الرقابة لتشمل مصادر الدخل الناتجة عن التجارة في المنصات الرقمية، في إطار خلق بيئة تنافسية عادلة وتضييق الفجوة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي.
تهدف هذه السياسة الجديدة إلى تشجيع الالتزام الضريبي وتحسين موارد الدولة المالية من خلال الحد من الخسائر الناجمة عن التهرب الضريبي وغسيل الأموال عبر التجارة الخارجية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تأتي استجابة لمتطلبات الإصلاح الاقتصادي وحرص الحكومة الجزائرية على حماية الاقتصاد الوطني من التحايل وتدفقات العملة الصعبة إلى الخارج، والتي تسببت سابقاً في عجز كبير في الميزان التجاري.
كما تؤكد الجهات الرسمية أن هذه الإجراءات الجديدة لن تؤثر سلباً على المؤسسات التجارية الجادة والملتزمة بالقوانين الجبائية، بل تركز أساساً على كشف المخالفات ومعاقبة المخالفين، مع الحرص على مواكبة التطورات العالمية في الرقمنة واستخدام التقنيات الحديثة في الرقابة المالية.
وتأتي هذه التحركات ضمن استراتيجية شاملة لتنظيم السوق المحلي وتعزيز الشفافية المالية، في ظل تحديات اقتصادية متزايدة تستدعي المزيد من إجراءات المراقبة الفعالة لتنظيم حركة رؤوس الأموال وحماية موارد الدولة.