العلاقات التجارية بين الجزائر وفرنسا: تراجع ملحوظ رغم الصمود النسبي

رغم التوترات الدبلوماسية والسياسية الأخيرة بين الجزائر وفرنسا، تبقى العلاقات الاقتصادية بين البلدين قائمة لكنها تشهد تغيرات مهمة. كشفت بيانات رسمية فرنسية أن حجم التبادل التجاري بين الجزائر وفرنسا بلغ قرابة 5 مليارات يورو في النصف الأول من عام 2025، مسجلاً بذلك انخفاضاً بنسبة تقارب 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ويرى خبراء أن هذا التراجع يأتي نتيجة للأزمة السياسية التي تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتراجع تدريجياً منذ عام 2022، لكنها لم تصل إلى مرحلة الانقطاع الكامل. ويعتبر هذا الصمود النسبي في أرقام المبادلات مؤشراً على قوة الروابط الاقتصادية والمصالح المشتركة، إذ تظل فرنسا أحد أهم الشركاء التجاريين للجزائر رغم صعود دول أخرى كمنافسين أقوياء مثل الصين وتركيا.

تشمل المبادلات التجارية بين البلدين صادرات جزائرية متنوعة على غرار المحروقات وبعض المنتجات الصناعية، في حين تتركز الواردات الجزائرية من فرنسا في المعدات الصناعية والمنتجات الغذائية والتجهيزات الطبية. ورغم ذلك، شهد السوق الجزائري مؤخراً تراجعاً في حضور المنتجات الفرنسية على الرفوف، بينما يتجه المستوردون الجزائريون أكثر نحو مورّدين بدائل في آسيا وأوروبا الشرقية.

يتوقع بعض المحللين الاقتصاديين استمرار هذا التراجع في ظل المعطيات الراهنة، خاصة مع سعي الجزائر إلى تنويع شراكاتها التجارية وتوسيع مصادر الواردات. وفي المقابل، تحاول الشركات الفرنسية الحفاظ على مكانتها في السوق الجزائري من خلال عروض تجارية جديدة وتوسيع الاستثمارات المباشرة.

يرى مراقبون أن الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات الاقتصادية بين البلدين يمثّل رهاناً إستراتيجياً للطرفين، وسط تطورات إقليمية ودولية غير مستقرة. قد يفتح هذا الوضع الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون، فيما لو قررت باريس والجزائر تجاوز الخلافات السياسية وتغليب المصالح الاقتصادية المشتركة.

في الختام، يبقى المشهد التجاري بين الجزائر وفرنسا مفتوحاً على عدة سيناريوهات، حيث يمكن أن يشهد تحسناً ملحوظاً في حالة إعادة تطبيع العلاقات، أو استمرار التراجع إذا ما استمر الجمود السياسي بين البلدين.

موضوعات ذات صلة