انتعاش التبادل التجاري بين الجزائر وإسبانيا بعد سنوات من الجمود: خلفيات وآفاق
شهدت العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا انتعاشاً ملحوظاً خلال الأشهر الأخيرة من عام 2024، بعد فترة من التوتر الدبلوماسي والإجراءات المتبادلة التي ألقت بظلالها على حجم المبادلات بين البلدين. ويأتي هذا التحول بعد عودة الدفء إلى العلاقات بين الجزائر ومدريد، حيث تم الاتفاق بين الطرفين على تطبيع العلاقات الاقتصادية، وهو ما كان له أثر مباشر في استئناف حركة الصادرات والاستيراد على نطاق واسع.
وكانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد تعرضت لجمود شبه تام منذ منتصف عام 2022، نتيجة لبعض الخلافات السياسية المتعلقة بالملف الصحراوي. وقد فرضت الجزائر قيوداً على المبادلات التجارية مع الجانب الإسباني، مما أدى إلى انخفاض واضح في الصادرات الإسبانية إلى الجزائر، خاصة في قطاعات أساسية مثل المواد الغذائية والمنتجات الصناعية.
غير أن إعلان تطبيع العلاقات في خريف 2024 جاء ليعيد الأمل إلى أوساط رجال الأعمال في كلا البلدين، حيث سُجلت عودة قوية للمنتجات الإسبانية إلى الأسواق الجزائرية، من ضمنها اللحوم، المواشي، والسلع الاستهلاكية الأخرى، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في استيراد المواد الأولية ومعدات البناء من إسبانيا، والتي يحتاجها الاقتصاد الجزائري في هذه المرحلة التنموية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن عودة العلاقات التجارية تأتي في إطار إدراك الطرفين لأهمية الشراكة بينهما، حيث تُمثل الجزائر سوقاً واعدة للصادرات الإسبانية، خاصة في ظل الطلب المرتفع على بعض المنتجات والزخم الاستثماري الذي تشهده البلاد. في المقابل، تتيح إسبانيا للمنتج الجزائري نافذة حيوية على السوق الأوروبية، وهو ما يشجع على تنويع الصادرات الجزائرية ورفع قدرتها التنافسية.
وتعول الأوساط الاقتصادية في البلدين على استمرار التحسن في المناخ السياسي وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، مما سيؤسس لعلاقات طويلة الأمد بعيداً عن أية اضطرابات مستقبلية. كما يُتوقع أن يعزز هذا التقارب فرص الاستثمار المشترك وتطوير شراكات جديدة تعود بالفائدة على اقتصادي البلدين، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة وتحقيق التكامل الاقتصادي المغاربي والمتوسطي.