تصاعد الأزمة بين فرنسا والجزائر: خلفيات الخلاف وتداعياته
تشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر في الأشهر الأخيرة من عام 2025 تصاعداً ملحوظاً في حدة التوترات السياسية والدبلوماسية، لتعيد إلى الأذهان تقلبات مستمرة تميزت بها هذه العلاقة التاريخية. وتجلّت مظاهر الأزمة عبر عدة إجراءات متبادلة، أبرزها قرار الجزائر في أبريل/نيسان طرد 12 موظفاً من السفارة الفرنسية رداً على سياسات باريس، بالإضافة إلى إعلان فرنسا عزمها تسريع إجراءات ترحيل عدد من الجزائريين ممن اعتبرتهم يمثلون خطراً على الأمن الفرنسي.
على مدار عدة أسابيع بين يوليو/تموز وأغسطس/آب 2025، انتقلت الأزمة من محاولات تهدئة خجولة إلى تصعيد متبادل وحاد. الجزائر صعدت وتيرة خطابها الرسمي ولوّحت لأول مرة باللجوء إلى الأمم المتحدة إذا لم تتراجع باريس عن خطوات تصعيدية كخفض منح التأشيرات الدبلوماسية أو التدخل في شؤونها الداخلية. في المقابل تشدد السلطات الفرنسية على ضرورة مراجعة العلاقات الثنائية بما يخدم مصالحها الأمنية والسياسية الداخلية.
ويرى مراقبون وخبراء أن الأزمة الأخيرة تعكس عمق الخلافات بين البلدين حول ملفات الهجرة، الذاكرة التاريخية، والتدخلات الإقليمية، إلى جانب مظاهر عدم الثقة المتبادل. ويؤكد كثير من المحللين في الجزائر أن بعض الدوائر السياسية في فرنسا ما تزال تفتقر لفهم كامل لطبيعة المجتمع الجزائري وتاريخه، ويحمّلون هذه النظرة مسؤولية تفاقم التوترات.
ويشير هؤلاء إلى أن العلاقات الفرنسية-الجزائرية لطالما مرّت بمحطات شائكة لكنها تمثل في الوقت ذاته أهمية استراتيجية لكلا البلدين سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي، إذ يعيش في فرنسا جالية جزائرية كبرى وتوجد ارتباطات اقتصادية وثيقة بين الطرفين.
ختاماً، يظهر أن تطور الأحداث في الفترة المقبلة سيعتمد على مدى قدرة الطرفين على احتواء الخلافات وتفضيل الحوار على التصعيد، خاصة وأن تداعيات الأزمة تتسع سياسياً واقتصادياً لكلا البلدين.