تصاعد الخطاب المعادي للجزائر في الإعلام والسياسة الفرنسية

شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية في الفترة الأخيرة توتراً ملحوظاً رافقه تصاعد في موجة الخطاب المعادي للجزائر ضمن الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا، خاصة من قبل التيارات اليمينية المتشددة. هذا التحول لا يقتصر فقط على انتقاد سياسات الحكومة الجزائرية، بل توسّع ليشمل تشويه صورة الجزائر كدولة وشعب، مستغلاً كل مناسبة أو ملف لتحويله إلى محور هجوم إعلامي وسياسي متواصل.

وقد مثّل إعلان توسيع برنامج “إيراسموس” الأوروبي ليشمل جامعات وطلبة المغرب العربي، بما في ذلك الجامعات الجزائرية، مادة جديدة لهذا الجدل. فقد أثارت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، خاصة تلك المحسوبة على اليمين المتطرف، مخاوف غير مبررة حول تدفق الطلبة من شمال أفريقيا إلى أوروبا، وحولت ملف التعاون الأكاديمي والعلمي إلى قضية أمنية وسياسية.

تجليات هذا الخطاب ظهرت بوضوح مع تكرار الربط بين ملفات مثل الهجرة، والإرهاب، وقضايا الهوية، مع الجزائر تحديداً. لم يعد النقاش يقتصر على نقد علاقات باريس بالجزائر أو الملفات الثنائية المعقدة، بل تطور نحو نشوء ما يشبه الحملات المنظمة لتغذية الأحكام المسبقة والتحريض ضد الجالية الجزائرية في فرنسا، وصولاً إلى شيطنة كل ما يمت للجزائر بصلة.

ويعتبر مراقبون أن هذا الانزلاق في الخطاب الفرنسي يعكس أزمة هوية عميقة داخل المجتمع الفرنسي ومشاكل تاريخية لم يتم تجاوزها بعد، خصوصاً المرتبطة بالإرث الاستعماري. كما ينبه هؤلاء إلى خطورة توظيف الإعلام لأهداف سياسية داخلية، الأمر الذي يقود إلى تصاعد الكراهية والتمييز وزرع الشكوك المتبادلة بين الجانبين.

في النهاية، يُعد احترام التعاون والحوار بين الشعوب الضمانة الأساسية لكبح جماح هذا التصعيد الإعلامي والسياسي. فبدلاً من الانزلاق نحو تبادل الاتهامات والتحريض، يبقى الرهان على بناء علاقات قائمة على الندية والاحترام المتبادل ومواجهة الخطابات المتطرفة بالحوار والتفاهم المشترك.

موضوعات ذات صلة