تقرير برلماني فرنسي يشعل الجدل حول اتفاق الهجرة لعام 1968 مع الجزائر
أثار تقرير صادر عن نائبين فرنسيين ينتميان للأغلبية الرئاسية جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية بفرنسا، بعد مطالبتهما بمراجعة شاملة لاتفاقية الهجرة الموقعة بين فرنسا والجزائر عام 1968. التقرير، الذي أعدّه كل من شارل رودويل وماثيو لوفيفر – الأخير يشغل حالياً منصب وزير منتدب للانتقال البيئي – دعا إلى إعادة النظر في الاتفاق الذي يمنح الجزائريين امتيازات خاصة في ما يتعلق بالإقامة والعمل في فرنسا.
وقد اعتبر بعض السياسيين، خصوصاً من توجهات اليسار، أن هذه الدعوات تعيد فتح جراح تاريخية تعود إلى حقبة الحرب الجزائرية. واتهم السيناتور الشيوعي عن باريس إيان بروساه معدّي التقرير بالسعي إلى استغلال ملفات الهجرة لإثارة الجدل السياسي على أعتاب الذكرى السنوية لأحداث 17 أكتوبر الدامية.
تناول التقرير الجوانب المالية والاجتماعية لاتفاق 1968، مشيراً إلى أن التكلفة السنوية لتنفيذ بنوده تجاوزت ملياري يورو، ما وصفه البرلمانيون بـ”عبء على الخزينة العامة”. كما أوصى التقرير بإلغاء الاتفاق أو تعديله بشكل جذري، بما يتلاءم مع سياسات الهجرة الفرنسية الحديثة ويحدّ من الامتيازات الممنوحة لمواطني الجزائر مقارنة بجنسيات أخرى.
أما في الأوساط الجزائرية، فقد قوبلت هذه المقترحات برفض شديد، واعتبرتها محاولة لفرض ضغوط على العلاقات الثنائية، وتهديداً لمكتسبات تاريخية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا.
وجاء التقرير في توقيت حساس، مع تزايد الجدل في فرنسا حول قضايا الهجرة والهوية، وتنامي أصوات اليمين الداعية لتشديد القوانين على الأجانب. كما تزامن ذلك مع الذكرى الستمائة والستين لأحداث 17 أكتوبر 1961، ما أعاد للأذهان العلاقات المعقدة بين التاريخ الاستعماري الفرنسي وتداعياته الراهنة في المجتمع الفرنسي.
في ختام التقرير، شدد البرلمانيان على أن مناقشة هذه الملفات يجب ألا تخرج عن الإطار العقلاني الذي يخدم مصالح فرنسا ويحترم في الوقت ذاته العلاقات الاستراتيجية مع الجزائر، مؤكدين ضرورة فتح حوار موسع يشمل مختلف الأطراف المعنية قبل اتخاذ أي قرار نهائي بخصوص مصير الاتفاق التاريخي.