جدل حول اتفاق الهجرة بين فرنسا والجزائر لعام 1968: المؤرخ بنجامين ستورا يرد على ادعاءات اليمين الفرنسي
أثارت مناقشات البرلمان الفرنسي مؤخراً نقاشاً واسعاً حول اتفاق الهجرة الموقع عام 1968 بين فرنسا والجزائر، بعد أن طالب نواب من التيار اليميني المتطرف بإلغاء أو مراجعة مضامين الاتفاق بحجة أنه يمنح امتيازات واسعة للمهاجرين الجزائريين في فرنسا.
وخلال جلسة عقدت يوم الخميس 30 أكتوبر، قدم حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) اقتراح قرار يُشكك في جدوى الاتفاق، معتبراً أنه السبب الرئيسي في ارتفاع أعداد المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا. وقد حظي هذا الطرح بدعم بعض النواب الذين اعتبروا أن الاتفاق يمنح “معاملة تفضيلية” للجزائريين مقارنة بجنسيات أخرى.
في المقابل، خرج المؤرخ الفرنسي المتخصص في العلاقات الفرنسية الجزائرية، بنجامين ستورا، بتصريحات صحفية أكد خلالها أن هذه الادعاءات لا تستند إلى حقائق تاريخية أو قانونية. وأوضح ستورا أن اتفاق 1968 جاء نتيجة ظروف سياسية واجتماعية استثنائية في أعقاب استقلال الجزائر، وأنه لم يميز في الواقع المهاجرين الجزائريين بمنحهم حقوقاً واسعة أو فريدة مقارنة بما تنص عليه التشريعات الفرنسية للمهاجرين من دول أخرى.
وأضاف ستورا أن موجة الجدل الحالية يغذيها خطاب سياسي يسعى للتأثير على الرأي العام الفرنسي قبيل الاستحقاقات الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة العودة إلى النصوص الأصلية للاتفاق وفهم سياقها التاريخي بعيداً عن التوظيف السياسي. كما دعا إلى نقاش هادئ وموضوعي حول ملف الهجرة قائم على الحقائق والمعطيات الموثقة.
يُعد اتفاق 1968 من الاتفاقيات الهامة التي نظّمت وضعية العمال الجزائريين في فرنسا بعد الاستقلال، وحافظت على بعض الامتيازات المحدودة في إطار تنظيم الإقامة والعمل، غير أن الجزء الأكبر من صلاحيات تنظيم الهجرة بقي خاضعاً للقوانين الفرنسية التي عُدلت مرات عديدة لاحقاً.
ويستمر نقاش الهجرة الجزائرية في فرنسا في إثارة جدل اجتماعي وسياسي مع كل محطة انتخابية، بينما يذكّر خبراء ومؤرخون أمثال بنجامين ستورا أن الحل يكمن في التعاطي مع الملف بموضوعية بعيداً عن المزايدات السياسية.