جدل في فرنسا حول تشديد الرقابة على المدارس الخاصة الإسلامية
أثارت الإجراءات الرقابية المكثفة التي تفرضها السلطات الفرنسية على المدارس الإسلامية الخاصة جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والاجتماعية، مع تصاعد الاتهامات بازدواجية المعايير عند التعامل مع المؤسسات التعليمية ذات الخلفيات الدينية المختلفة.
بحسب تقارير حديثة، شهدت الأعوام الأخيرة زيادة ملحوظة في عمليات التدقيق والرقابة التي تستهدف بشكل خاص المدارس الإسلامية الخاصة الخاضعة لنظام العقود مع الدولة الفرنسية. وأشار عدد من النواب والخبراء إلى أن هناك تمييزًا واضحًا في طريقة تطبيق القوانين بين المدارس الإسلامية ونظيراتها من المدارس الكاثوليكية أو اليهودية، حيث تظهر المدارس الكاثوليكية رفضًا واضحًا للخضوع لنفس مستوى المراقبة، دون أن تواجه الإجراءات نفسها.
وفي واقعة حديثة، تم فسخ العقد الحكومي مع مجموعة مدرسية إسلامية في منطقة ليون قبيل بداية العام الدراسي 2025، وهو قرار اعتبره العديد من المراقبين مثالاً على التشدد غير المسبوق. كما أشار أحد النواب، الذي أعد تقريرًا حول الموضوع، إلى وجود سياسة “الكيل بمكيالين”، تؤثر بشكل سلبي على صورة منظومة التعليم الفرنسي وعلى قيم العدالة والمساواة التي تدعو إليها الجمهورية.
وتثير هذه الإجراءات والقرارات تساؤلات حول مدى موضوعية ونزاهة تطبيق السياسات الرقابية الحكومية، لا سيما وأن إحصائيات نشرتها وسائل إعلام فرنسية أظهرت بأن ما يقارب 40% من المدارس الخاصة الإسلامية قد خضعت لعمليات مراقبة وتدقيق مكثفة خلال العامين الأخيرين، مقارنة بنسبة أقل بكثير للمدارس الكاثوليكية أو تلك التابعة لطوائف دينية أخرى. ويشير التربويون إلى أن هذه الضغوطات قد تؤثر بشكل مباشر على الطلاب والأسر، وتدفع ببعض المؤسسات إلى إغلاق أبوابها نهائيًا.
من جانبها، تبرر السلطات الفرنسية حملاتها بأنها تهدف إلى ضمان التزام جميع المدارس الخاصة بالقيم الجمهورية، ودرء أي محاولة لاستغلال المؤسسات التعليمية لأغراض دينية أو سياسية. إلا أن المدافعين عن المدارس الإسلامية يرون في هذه السياسات محاولة لتقييد الحريات الدينية وتشويه صورة المسلمين في فرنسا.
وسط تصاعد الجدل، طالب عدد من المنظمات المدنية والنواب بمراجعة منهجية الرقابة وإعادة النظر في أساليب تطبيقها، لضمان حياد الدولة وعدم التمييز بين المؤسسات التعليمية الخاصة من مختلف الخلفيات الدينية. ويبقى الملف محل نقاش واسع مع كل عام دراسي جديد، في ظل تناقضات بين مبادئ العلمانية والواقع العملي على الأرض.