رياض-الصيداوي-لصحيفة-الأنوار-الديبل

الرئيسية » آخر خبر » رياض الصيداوي لصحيفة “الأنوار”: الديبلوماسية التونسية فاشلة وتورطت في تحالفات ستدفع ثمنها

رياض الصيداوي لصحيفة “الأنوار”: الديبلوماسية التونسية فاشلة وتورطت في تحالفات ستدفع ثمنها

في آخر خبر, حوارات سياسية, رئيس التحرير, رئيس التحرير

27 فبراير 2016
0
823 زيارة

رياض الصيداوي فرنسا 24اعتبر رياض الصيداوي مدير المركز العربي للدراسات الاجتماعية والسياسية بجنيف أن الحديث عن تأثيرات ضربة ليبيا المرتقبة خلال الشهر المقبل يستوجب وضع الموضوع في إطاره ومعرفة الخلفيات الحقيقية وراء شن هذه الحرب. وقال إن المركز في سويسرا يهتم بكل التصريحات التي تصدر عن قياديين ومسؤولين غربيين ويعمل على فهم أبعادها وخاصة ما يصرّح به رؤساء المخابرات الغربية، ورغم أن تصريحات هؤلاء نادرة وشحيحة إلا أنها تكشف كثير الحقائق المخفية.

“انسوا الخرائط القديمة”

ففي 27 أكتوبر 2015 التقى في واشنطن رؤساء المخابرات الغربية وبالمناسبة قال رئيس المخابرات الفرنسية برنار باجوليه بالحرف
الواحد “انسوا خرائط سوريا والعراق القديمة نحن أمام خرائط جديدة ستتشكل”. وقد أكد الصيداوي أنه ذكر ذلك في كتابه “من تونس إلى دمشق… حقائق خفية عن الربيع العربي” بأنّه قال “إننا أمام سايس بيكو 2” يعيدنا إلى الاتفاق السري بين فرنسا وبريطانيا والذي كشفت تفاصيله لاحقا الثورة البلشفية.
وبالتالي فنحن الآن كما ذكر أمام تقسيم المنطقة دولة دولة وهذا المخطط واضح من خلال ما حدث في العراق وسوريا والآن جاء دور ليبيا.

وبين رئيس مركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية أن هذه المقاصد كانت واضحة وجلية منذ حدوث التدخل الأجنبي بليبيا وإزالة النظام بالقوة رغم أنه يتنافى مع القانون الدولي حتى أن الصينيين فهموا المخطط واستعملوا الفيتو خمس مرات إلى جانب روسيا في مجلس الأمن ضد أي تدخل عسكري أطلسي في سوريا بعد أن أدركوا خفايا اللعبة. وأكدوا في وسائل إعلامهم على لسان قيادات صينية بأن ” اللعبة انتهت لقد أدركنا ماذا يريدون” كما أدركت روسيا أيضا أن “الربيع العربي” هو من هندسة المخابرات الأمريكية لإعادة تقسيم العالم العربي. وعلى كل من يريد فهم هذا التقسيم الجديد أن يطّلع حسب رياض الصيداوي على الإعلام الأمريكي والروسي والصيني.

الصراع “غربي – غربي”

“إذن الآن جاء دور تونس وليبيا ” هذا ما أكده محاورنا، ليبيا التي أريد لها أن تكون هكذا. فإذا كانت هناك نية صادقة في 2011 بعد إزالة القذافي لإنقاذ البلاد من سيطرته كما أشيع كان من الضروري تشكيل الجيش الوطني الليبي وجمع السلاح من الميليشيات وعقد مؤتمر وطني للمصالحة والانتقال تدريجيا لانتخابات محلية ثم وطنية. لكن ما حدث هو تشجيع هذه المليشيات وانفلات السلاح وتدخل دول عربية وغربية في ذلك وتغذية الصراع بين القبائل قصد تقزيم البلد وتفتيته من الداخل وإضعافه.
بعد ذلك جاءت مرحلة التموقع على أرضها بحجة ضرب “الدواعش” الذين انتهوا تقريبا في سوريا وقد قبلت واشنطن بهزيمة روسيا وسوريا المنتصرتان على الإرهاب رغم شطحات تركيا والسعودية إعلاميا والقول بخلاف ذلك.
إذن المسألة السورية حسمت أو هي في طريقها للحسم العسكري لصالح الجيش العربي السوري، وبالتالي سيفر الدواعش إلى ليبيا.
إن الغاية الحقيقية من التدخل في ليبيا هي تأمين المنطقة النفطية الغنية والتي يوجد 70 بالمائة منها في الجنوب و30 بالمائة منها في الشرق.
مثل هذه المسألة حولت الصراع على ليبيا إلى صراع “غربي – غربي” ففرنسا وضعت كل ثقلها العسكري والإعلامي من خلال دعمها للمنشقين في ليبيا وأرادت أن ترسّخ أقدامها في بلاد النفط لكن أمريكا أزاحتها بعد ذلك وعاملتها بازدراء دون أن تستفيد شيئا.

من هنا ستشمل الضربات من يهدد المصالح الحيوية لأمريكا، فالحلف الأطلسي سيضرب من يهدد مصالحه، والتدخل البري يندرج في إطار صناعة سلطات ودويلات محلية لتأمين النفط تحت إشراف القوة الدولية. من هذا المنطلق سيكون الاستهداف لتنظيم “داعش” الإرهابي الذي بات يهدد حقول النفط. وهو تنظيم غير مسيطر عليه تموله كل من قطر والسعودية وندعمه استخباراتيا تركيا وذلك بتأكيد من رؤساء الاستخبارات الغربية أنفسهم وبخاصة إيف بونيه رئيس المخابرات الفرنسية الداخلية السابق في حواره الشهير مع صحيفة “لاديبيش دو جودي” الذي أكد فيه بصريح العبارة على تمويل قطر والسعودية للإرهاب في العالم. كما أكد برنار سكاريني رئيس مخابرات فرنسية سابقا أيضا في كتابه ” المخابرات الفرنسية: الرهانات الجديدة” أن السعودية مولت الإرهاب في الجزائر في التسعينات واليوم تموله في سوريا. واتهم جو بايدن كل من السعودية وقطر والإمارات وتركيا بتمويل “داعش” لإزاحة الرئيس بشار الأسد وذلك خلال محاضرته الشهيرة أمام الطلبة في جامعة هارفارد الأمريكية.
لكن الإرهاب ينقلب حتى على من موله وهو مثل كرة الثلج لا يتحكم فيه أحد وهو ما حدث مع القاعدة عندما انقلبت بعض خلاياها على أمريكا وعلى السعودية نفسها التي صنعتها وسيحدث نفس الشي مع “داعش”.

دبلوماسية فاشلة

الدبلوماسية التونسية والخارجية كانت كارثية وفشلت فشلا ذريعا في استرجاع أموال تونس المنهوبة، كما لم تنجح في جلب استثمارات أو مساعدات مالية من الخارج، وورطت تونس في تحالفات دولية مشبوهة ستعود بالضرر الفادح على الشعب التونسي.
فمنذ الاستقلال حافظ بورقيبة على الحياد في سياسة الصراعات ومتاهات الشرق الأوسط التي لا تنتهي لكن تونس مع المرزوقي والسبسي دخلت في تحالفات غريبة ورطتها في مطبات خطيرة وجعلتها في عداوات مع دول أخرى… وآخرها “الحلف الإسلامي” لمناهضة الإرهاب الذي كونته المملكة العربية السعودية بمعية بعض الدول بينما السعودية متهمة أصلا بتمويل “داعش” والإرهاب واعتبرها خطوة غير محسوبة ومتناقضة مع تونس الحياد وتساءل في هذا الإطار:

*هل تعرف الدبلوماسية التونسية أن أمريكا دولة مفلسة مورطة في ديون من الصين بقيمة ألف و150 مليار دولار ؟ بينما ميزانية تونس السنوية لا تتجاوز 14 مليار دولار.
*هل تعرف أن المال الحي “السيولة” غير موجود لا عند فرنسا ولا عند أمريكا ولا أية دولة اخرى إلا في الجزائر والصين ودول الخليج؟
* هل تعرف الديبلوماسية التونسية وجود محور “بريكس” ويضم الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا؟

غياب الحنكة في اختيار الحلفاء

الضربة على ليبيا ستكون آثارها قوية على تونس، والبلد مطالب بالتفاوض مع الطرف الأجنبي لجبر الضرر المنتظر لكن الديبلوماسية التونسية غير قادرة على ذلك وتكبدت ما حدث في ليبيا سابقا بنفسها.
ثم إنها زجت بنفسها في محور ستدفع ثمنه، فقادتها يفكرون بمنطق الستينات بأن فرنسا وأمريكا دول غنية في حين أنها مفلسة. في حين أن الدول الغنية مثل الصين هي التي ستعيد تشكيل العالم بالقوة المالية التي تكتسبها لأن العالم يتشكل حسب موازين القوى.
مثلا مصر أدركت قواعد اللعبة وتعاملت مع الصين وغنمت أموالا طائلة منها ومن روسيا وقطر والسعودية والإمارات لكن غياب الحنكة للسياسة الخارجية التونسية في اختيار الحلفاء جعلها تربح شيئا غير الفتات القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. كما جعلها تضع كل البيض في سلة واحدة وهي “السلة الفرنسية الأمريكية السعودية” و سوف ينكسر كل البيض إذا لم توزّع مصالحها مستقبلا بشكل يخدم مصلحة البلاد.

رياض الصيداوي لصحيفة الأنوار عدد 20 فيفري 0012016



عن التقدمية


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*


*


Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *