ذكرى إعلان دولة فلسطين في العاصمة الجزائرية
في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988، اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة الجزائرية ليشهد حدثاً تاريخياً غيّر مجرى القضية الفلسطينية، حيث أعلن الزعيم ياسر عرفات قيام دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وقد جاء هذا الإعلان في ظل أجواء صعبة، إذ كانت الأراضي الفلسطينية ترزح تحت وطأة الاحتلال وأوضاع سياسية معقدة، مما جعل من هذا الإعلان لحظة فارقة وإشارة إلى إصرار الشعب الفلسطيني على نيل حقوقه المشروعة.
ساهمت الجزائر بشكل بارز في احتضان هذا الإعلان ودعم الفلسطينيين على الساحة الدولية، فقد سبق أن أبدت الجزائر تضامنها ووقوفها الدائم مع القضية، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية فور إعلانها. لم يقتصر الدعم الجزائري على الجانب السياسي فقط، بل امتد أيضاً للمحافل الدولية والإقليمية، حيث دافعت الجزائر عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم أمام المنظمات الدولية، على رأسها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
وبعد ساعات فقط من إعلان الاستقلال في الجزائر، سارعت العديد من الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطين، فخلال بضعة أيام تجاوز عدد الدول المعترفة الأربعين دولة من بينها الصين والهند ودول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ومع مرور السنوات، ارتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى ما يفوق المئة دولة حول العالم، كما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 43/177 على الاعتراف بالإعلان الفلسطيني، وأقرت استخدام اسم “فلسطين” بدلاً من “منظمة التحرير الفلسطينية” ضمن أجهزة الأمم المتحدة.
ورغم هذا التقدم الدبلوماسي، لا تزال القضية الفلسطينية تواجه العديد من التحديات المرتبطة بالاحتلال والسياسات الدولية، لكن ذكرى إعلان دولة فلسطين في الجزائر تبقى محفورة في الذاكرة الجماعية كرمز للصمود والأمل. وقد شكلت هذه اللحظة مصدر إلهام للأجيال الفلسطينية والعربية، ومكسباً معنوياً مهماً في مسار النضال من أجل الحرية والاستقلال.
واليوم، وبينما يستمر الفلسطينيون في الدفاع عن أرضهم وهويتهم، يُستحضر هذا اليوم مع كل ذكرى كتأكيد على عدالة القضية، وعلى أهمية الدعم المستمر من الشعوب والدول العربية، وفي مقدمتها الجزائر التي أثبتت دائماً أن القضية الفلسطينية جزء من هويتها وثوابتها.