ضرورة تنظيم الفتاوى في الجزائر لدرء الفوضى وحماية المجتمع
في السنوات الأخيرة، شهدت الجزائر تزايداً ملحوظاً في إصدار الفتاوى الدينية من جهات غير رسمية، مما أدى إلى حالة من الفوضى والارتباك لدى المواطنين. يأتي هذا في ظل غياب إطار قانوني واضح لتنظيم عملية الإفتاء وضبط الجهات المخوّلة بإصدار الفتاوى، الأمر الذي بات يشكل تهديداً لوحدة المجتمع واستقراره الفكري والديني.
إن تعدد الجهات التي تدّعي أهلية الإفتاء وغياب الرقابة الرسمية سهّل انتشار فتاوى متناقضة، بعضها يعكس توجهات شخصية أو سياسية، وهو ما تسبب في إثارة النزاعات والانقسامات بين فئات المجتمع. وفي كثير من الأحيان، أدت هذه الفتاوى إلى تشويه صورة الدين وسوء فهم تعاليمه، فضلاً عن استغلال بعض الأشخاص الفتوى لتحقيق أغراض خاصة أو الترويج لأفكار متطرفة.
لهذه الأسباب، بات من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة لإقرار قانون وطني يحدد بوضوح شروط وضوابط إصدار الفتوى، ويحصر هذا الحق في مؤسسات دينية معتمدة من الدولة مثل المجلس الإسلامي الأعلى أو دور الإفتاء المعترف بها رسمياً. يجب أيضاً التأكد من أن من يتولى الإفتاء يتمتع بالكفاءة العلمية والسمعة الطيبة والمعرفة العميقة بأحكام الشريعة الإسلامية.
من شأن هذا القانون أن يسهم في حماية المجتمع من الفتاوى العشوائية ويُعزز المرجعية الدينية الموحدة، كما سيمنع استغلال الدين لأغراض دنيوية أو سياسية. بالإضافة إلى ذلك، سيعيد الثقة بدور العلماء والمؤسسات الدينية في تقديم الفتوى الصحيحة التي تراعي مصلحة المجتمع وتواكب تطورات العصر.
باختصار، تنظيم عملية الإفتاء عبر قانون واضح وملزم يمثل أولوية وطنية لضمان أمن المجتمع الفكري والديني، وحمايته من الفوضى والتشرذم، وتوفير بيئة تتيح ممارسة الدين بعيداً عن الفتنة والانقسام.