طرق الجزائر بين الأمل والخطر: تصاعد حوادث المرور والسلوكيات المتهورة
تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في حوادث المرور، إذ أصبحت هذه الظاهرة تشكل مصدر قلق كبير للأسر والمجتمع ككل. ففي النصف الأول من عام 2024 وحده، سجّلت السلطات ما يزيد عن 13,500 حادث مرور تسبَّب في وقوع آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى، وذلك بحسب تقارير إدارة الأمن الوطني ومنظمات السلامة المرورية.
وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع لافت في كل مؤشرات الحوادث، حيث زادت نسبة الحوادث بـ15% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين ارتفع عدد الضحايا بنحو 3%. ورغم الإجراءات التقليدية والمتجددة للحد من الكوارث المروية، إلا أن طرق الجزائر ما زالت تشهد يوميًا حوادث مؤلمة ترسم ملامح المعاناة في حياة العديد من المواطنين.
من أبرز الأسباب التي تساهم في ارتفاع معدل الحوادث: الإفراط في السرعة، التجاوزات الخطيرة، فقدان السيطرة على المركبات، والسلوكيات غير المسؤولة من بعض السائقين، خاصة في أوقات الذروة أو خلال المناسبات الدينية والشهر الفضيل كما حدث في رمضان الماضي. وقد أشار مسؤولون إلى أن بعض الطرقات تحولت إلى ساحات للمغامرة والمنافسة في القيادة الخطيرة بدلاً من كونها معابر آمنة.
وتوثق مواقع التواصل الاجتماعي بشكل دوري مشاهد مصورة لهذه الأحداث المروعة—من اصطدام مركبات إلى انقلابات وحوادث دهس—ما يعكس حجم الخطر التي تهدد مستعملي الطريق ويدق ناقوس الخطر لدى الأسر الجزائرية التي تودع يوميًا أحبائها بفعل تهور أو جهل بقوانين المرور.
وفي إطار مواجهة هذا التصاعد المقلق، كثفت مصالح الأمن الوطني والدرك من عمليات التفتيش والحملات التوعية، وشددت العقوبات ضد المخالفين، غير أن التغيير الحقيقي يظل مرهونًا بترسيخ ثقافة احترام الطريق والالتزام بالقانون لدى الجميع. كما حثت الجهات المختصة على ضرورة تكثيف الجهود التربوية والإعلامية، وتحسين البنية التحتية وظروف السير في الطرقات، إلى جانب تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن السلوكيات الخطرة والتعاون مع الأجهزة الأمنية.
في الختام، تبقى طرق الجزائر مرآة لمجتمع يتطلع للأمن والتطور، ويأمل في تقليل نزيف الأرواح على طرقاته. وحده الالتزام الفردي والجماعي بقواعد السلامة كفيل بتحقيق هذا الهدف وفتح آفاق مشرقة لمستقبل أكثر أمانًا.