لغز 14 جانفي لا يُفكّ إلا مع علي السرياطي ورشيد عمار على طاولة واحدة! بقلم رياض الصيداوي
نشرت بواسطة: التقدمية
في آخر خبر, ثورات عربية, رئيس التحرير, رئيس التحرير
14 يناير 2015
0
843 زيارة
أصدر القضاء العسكري التونسي يوم السبت الماضي أحكامه في عدة قضايا من بينها قضية قتل متظاهرين في تونس العاصمة وصفاقس خلال الثورة.
الأحكام كانت مفاجأة لأسر الشهداء والجرحى. ومن أبرزها الحكم على مدير الأمن الرئاسي السابق علي سرياطي بالسجن لمدة ثلاث سنوات في احدى هذه القضايا وكذلك على وزير الداخلية السابق رفيق بلحاج قاسم، حسب ما أعلن وكيلهما المحامي عبادة الكافي لوكالة فرانس برس.
وحكم على القائد السابق للقوات الخاصة جلال بودريقه في محكمة البداية بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة القتل العمد وقد خفف الحكم في المحكمة الاستئنافية إلى ثلاث سنوات بعد تصحيح بعض الوقائع وعدم تعريض أي شخص للخطر، حسب ما أعلنه وكيله المحامي محمد علي غريب.
«وفور الإعلان عن الأحكام احتج أفراد عائلات الضحايا الغاضبون عليها معتبرين أنها متساهلة جدا ما أدى إلى تعليق جلسة المحكمة بعد مصادمات وقعت مع قوات الامن، حسب مصور وكالة فرانس برس في المكان».
الإفراج عن المعتقلين المتهمين في قضايا شهداء وجرحى الثورة شكل صدمة للرأي العام التونسي. لأنه لم يبق من الثورة التونسية شيء يُذكر. آخر حلقاتها هي محاكمة من قتل ومن جرح. الرأي العام يطرح أسئلة مشروعة اليوم: ماذا ربحنا من ثورة 17 ديسمبر 2010 / 14 جانفي 2011؟ شعار «الشغل» لم يتحقق بل حدث العكس وهو تفاقم البطالة وزيادة جنونية في الأسعار وانهيار للقدرة الشرائية للطبقتين المتوسطة والفقيرة. مع ترسيخ خيارات «الرأسمالية المتوحشة» التي ينادي بها صندوق النقد الدولي.
الرأي العام بدأ اليوم يطرح سؤالا هل حدثت أصلا ثورة في تونس؟ إذا كان جرحاها يُواجهون بالعصيّ في مقر وزارة حقوق الإنسان نفسها؟ وهل من حكم تونس منذ 14 جانفي إلى اليوم له علاقة بالثورة الاجتماعية التي حدثت في سيدي بوزيد والمكناسي وتالة والقصرين و…
يبدو أننا لم نعرف إلى اليوم تفاصيل ما حدث مساء 14 جانفي وفي الأيام الأولى التي أعقبته. من الواضح أن انقساما حدث بين النخب الحاكمة. على المستوى السياسي نجد مجموعة بقيت مع بن علي وأخرى انقلبت عليه. الذين اعتقلوا منذ الأيام الأولى مثل محمد الغرياني ورفيق بلحاج قاسم وعبد العزيز بن ضياء يبدو أنهم كانوا أوفياء لبن علي إلى آخر لحظة… أما الوزراء الذين استمروا بشكل عادي بل وأسسوا أحزابا يبدو أنهم كانوا جزءا من «الانقلاب» على بن علي. في ما نسميه ب«الحالة الثورية» يجب توفر ثلاثة عوامل في نفس الوقت حتى تنجح الثورة وهي: أولا: راديكالية المعارضة الشعبية ومطالبتها برحيل النظام بدل إصلاحه. ثانيا: تفكك النخب الحاكمة وانقسامها على نفسها. ثالثا موقف الجيش: لا بد من حياد الجيش أو خيانته للنظام.
العامل الثاني والثالث هما اللذان يعنياننا أكثر في هذا المقال.
فرنسا تقول بانقلاب أمريكي في تونس
في نشرة أخبار القناة الأولى الفرنسية تي أف 1 تحدثت المذيعة بصراحة مدهشة أن حقيقة ما حدث في تونس تم الكشف عنه وهي أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نظمت انقلابا شارك فيه رشيد عمار وكمال مرجان ضد زين العابدين بن علي. وسبق ذلك يوم 12 جانفي2011 أن نشرت وكالة الأنباء الفرنسية برقية تحليلية مطولة شهيرة تقول فيها «إنه من المستبعد جدا سقوط نظام بن علي.. وإذا كان ثمة نوع من عدم الارتياح لدى المؤسسة العسكرية فإن أجهزة الأمن متماسكة..».
وجهة النظر الفرنسية تجاه ما حدث في تونس يجب الأخذ بها بعين الاعتبار أولا ولكن بوصفها وجهة نظر باريس ثانيا. لأن ما حدث يوم 14 جانفي داخل النظام مازال لغزا كبيرا إلى حد اليوم.
السرياطي ورشيد عمار أكثر الناس علما
أعتقد أن أكثر الناس إلماما بما حدث يوم هروب زين العابدين بن علي إلى المملكة العربية السعودية هما شخصيتان محوريتان: علي السرياطي مسؤول الأمن الرئاسي الأول ورشيد عمار القائد الميداني للمؤسسة العسكرية. اعتقال علي السرياطي وتحميله ما حدث من قتل وجرح لمواطنين تونسيين جعله يناور على جبهة أنه يمتلك معلومات كثيرة يمكنها أن تعيد تركيب مشهد يوم 14 جانفي وما تبعه.. وكذلك الحوارات الساخنة التي أدلى بها ابنه.. الرجل بعبارة أخرى هدد بكشف أسرار قد تقلب الطاولة على الجميع. وبالتالي إيجاد صيغة مناسبة للإفراج عنه يمكنها أن ترضي أكثر من طرف.
ما زاد الطين بلة هو أيضا الحوار الذي أثار ضجة كبيرة جدا والذي أعطاه المدير السابق للمخابرات العسكرية التونسية الجنرال أحمد شابير لقناة «التونسية» وقال فيه أن «جهات أجنبية كانت وراء ما حدث في تونس في العام 2011»، نافياً أن «يكون الرئيس السابق زين العابدين بن علي قد هرب تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية»، قائلاً: «لديّ قناعة بأن جهاز الأمن التونسي كان مخترقاً من جهات أجنبية خلال الأحداث التي شهدتها تونس في تلك الفترة». وأكد لنفس القناة أن «الاختراق تعكسه بعض التصرفات التي عرفتها البلاد أثناء الاحتجاجات، وخاصة منها إقدام بعض الأمنيين على الانسحاب من مواقعهم، وتسليم أسلحتهم إلى الجيش»، لافتاً إلى أن «مثل هذه التصرفات لا يمكن تفسيرها إلا بوجود اختراق أمني، وهذا الاختراق شمل شبكة الاتصالات، حيث رصدنا بعض المكالمات التي تدعو الأمنيين إلى مغادرة مراكزهم».
وجهة نظر الجنرال احمد شابير تلتقي مع وجهة نظر فرنسا. لكن الفرق أن باريس وجهت أصابع الاتهام بصراحة عبر إعلامها إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بينما شابير تحدث عن «جهات أجنبية» دون تحديد.
أين الحقيقة الكاملة؟
الإشكال مع مثل هذه التصريحات أنها ليست «تخمينات» صحافيين ولا تحليلات سياسيين وإنما هي جاءت على لسان مسؤولين سامين في أكثر الأجهزة حساسية أي المؤسسة العسكرية أو الأمنية. ومهمتنا أن نبني عليها تحليلا يفسر ما حدث.
يبدو أيضا أن ما تم كشفه ليس إلا نزرا يسيرا من الحقيقة الكاملة التي لفت يوم 14 جانفي وما بعده…
من الواضح أن عامل تفكك النخب الحاكمة وانقسامها حول نفسها قد توفر في «الثورة التونسية» لكن تفاصليه هي التي لم تتضح إلى حد اليوم. هذه التفاصيل توجد عند علي السرياطي ورشيد عمار… الاثنان فقط إذا تحدثا وجها لوجه علنا وأمام الشعب التونسي يمكنهما أن يكشفا الحقيقة كاملة أو على الأقل جزءا كبيرا من الحقيقة…
****************
ملحق فيديو نشرة أخبار القناة الأولى الفرنسية تي أف 1
https://www.youtube.com/
بقلم رياض الصيداوي / مقال جريدة الشعب ليوم الخميس 17 افريل 2014
2015-01-14
عن التقدمية
مقالات مشابهة