نونو يفتح صفحة جديدة في العلاقات الفرنسية الجزائرية بعيداً عن نهج ريتايو
تشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر منعطفاً جديداً مع تعيين لوران نونييز وزيراً جديداً للداخلية الفرنسية خلفاً لبرونو ريتايو، الذي ارتبط اسمه بتوتر غير مسبوق بين البلدين في الأشهر الأخيرة. واستقبل المتابعون لتطورات الشأن الفرنسي الجزائري تعليقات نونييز الأخيرة كإشارة واضحة إلى رغبته في تجاوز السياسات السابقة وفتح آفاق للحوار مع الجزائر.
في تصريحات نُشرت الأحد 19 أكتوبر 2025 في عدة وسائل إعلام فرنسية، أوضح نونييز أنه يسعى إلى “تغيير في الأسلوب” مع الجزائر مقارنة بسلفه ريتايو، الذي اتسمت مواقفه بالتشدد وأدت إلى تصعيد دبلوماسي أبعد بين باريس والجزائر العاصمة. وشدد الوزير الجديد، الذي تسلم منصبه منذ أسبوع فقط، على أهمية “إعادة بناء الثقة” و”استئناف النقاشات التقنية” بين الجانبين، معتبراً أن لغة القطيعة لم تعد مجدية في ظل التحديات الإقليمية والدولية المشتركة.
كانت إدارة ريتايو قد ركزت على خطوات تصعيدية في ملفات الهجرة والتعاون الأمني، ما ساهم في تعليق معظم قنوات الحوار الرسمي. ورغم محاولات بعض الوسطاء الفرنسيين والجزائريين احتواء الأزمة، بقي التوتر سيد الموقف حتى التغيير الأخير في الوزارة الفرنسية. وجاءت خطوة تعيين نونييز، المعروف بكفاءته وانفتاحه على الحوار، لتثير تفاؤلاً جديداً بشأن إمكانية كسر الجمود.
ومن جهة أخرى، لم يغفل نونييز في تصريحاته الاعتراف بأن بعض المواضيع الحساسة لا تزال تحتاج إلى معالجة هادئة ومسؤولة، مشيراً إلى أنه “لن ينكر الصعوبات الموضوعية” بين البلدين، لكنه يفضل منطق “العمل المشترك على التصعيد والخطاب الحاد”.
وفي هذا السياق، أبقت الحكومة الفرنسية الباب مفتوحاً أمام مراجعة بعض القرارات السابقة التي عمّقت الأزمة، لا سيما فيما يتعلق بالتسهيلات القنصلية والتبادل الطلابي وقضايا الجالية الجزائرية في فرنسا. كما رحبت مصادر في الجانب الجزائري بهذا التوجه الجديد، مطالبة بخطوات عملية لترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل وتحقيق مصلحة الشعبين.
جدير بالذكر أن الأزمات السياسية بين الجزائر وفرنسا ليست جديدة، إلا أن المرحلة الراهنة تبدو مختلفة من حيث الرغبة المعلنة لدى الطرفين للعودة إلى مسار التعاون، خاصة مع تغير الوجوه القيادية في باريس. تبقى الأيام القادمة حبلى باختبارات ستحدد مدى جدية التحول الجديد ومدى استدامته في مواجهة التحديات المستقبلية.