وثيقة نادرة تضيء التاريخ البحري للجزائر تعود من أوسلو إلى الجزائر العاصمة
في مبادرة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر والنرويج وأهمية التراث المشترك، قامت السفارة النرويجية مؤخراً بتسليم الجزائر وثيقة تاريخية نادرة تعود للقرن الثامن عشر. وقد جرت مراسم التسليم في الجامع الأعظم بالجزائر العاصمة، بحضور كبار الشخصيات من الجانبين، يتقدمهم الشيخ محمد الأمين معموني القاسمي الحسني، المشرف على الجامع الأعظم، وسعادة السفيرة النرويجية تيريز لوكن غيزل.
تكتسب هذه الوثيقة التي تم تحريرها سنة 1743 أهمية بارزة، إذ تروي تفاصيل حادثة بحرية شهدتها مياه البحر المتوسط، حيث اعترض الأسطول البحري الجزائري في ذلك الوقت سفينة نرويجية، لعدم توفرها على ترخيص المرور اللازم للإبحار في المتوسط. وتبرهن الوثيقة على الإمكانات البحرية الكبيرة للجزائر وتبرز قوة الأسطول الجزائري ودوره الحيوي في حماية سواحل البلاد ومراقبة النشاط الملاحي في المنطقة، ومن هنا تأتي قيمتها الرمزية والتاريخية.
وقد عبر الشيخ محمد الأمين القاسمي الحسني عن امتنانه الكبير لهذا الإهداء القيّم، معتبراً أن إعادة الوثيقة إلى الأرض التي انطلقت منها هو اعتراف ضمني بمكانة الجزائر البحرية، وتحفيز للباحثين والمؤرخين على إعادة قراءة صفحات هامة من التاريخ المغاربي والمتوسطي.
وبدورها، أوضحت سعادة السفيرة النرويجية أن تسليم الوثيقة يرمز إلى الشراكة الإيجابية بين الجزائر والنرويج، ويعزز من فرص التعاون الثقافي والمبادلات في مجالات التراث والتاريخ، في الوقت الذي تسعى فيه العاصمتان للحفاظ على الذاكرة المشتركة.
وتُعد هذه الوثيقة إضافة هامة للأرشيف الوطني الجزائري، وستكون متاحة قريباً أمام الأكاديميين وعموم المهتمين للاطلاع عليها ضمن المعارض المؤقتة التي يحتضنها الجامع الأعظم. وتشكل هذه الخطوة منعطفاً في مسار استرجاع الكنوز التاريخية الجزائرية الموزعة عبر أرشيفات ومتاحف العالم.
بهذا الحدث، يتجدد التأكيد على دور الجزائر كمحور استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط عبر العصور، وعلى الإرث الذي تركه أسطولها البحري في رسم ملامح المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً.