توضيحات بنجامين ستورا حول مطالب الجزائر من فرنسا بشأن الحقبة الاستعمارية

أثار ملف العلاقات التاريخية بين الجزائر وفرنسا العديد من النقاشات خصوصاً في ظل مطالب الجزائر المتكررة المتعلقة بحقبة الاستعمار الفرنسي. في حوار أجراه المؤرخ الفرنسي الشهير بنجامين ستورا مع وسيلة إعلام بلجيكية، قدّم توضيحات مهمة حول ماهية المطالب الجزائرية الفعلية تجاه فرنسا.

بينما يتصور البعض أن الجزائر تطالب بتعويضات مالية ضخمة من الدولة الفرنسية عن سنوات الاستعمار وما خلّفته من أضرار، أوضح ستورا أن الأمر ليس بهذه البساطة أو المباشرة. فالجزائر، بحسب ما أكده المؤرخ، لا تجعل من التعويضات المالية مطلباً أساسياً في خطابها الرسمي مع فرنسا. ما تسعى إليه الجزائر أولاً هو اعتراف فرنسا الكامل والصريح بالجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها خلال الحقبة الاستعمارية التي امتدت لأكثر من 130 عاماً، وما خلفته من آثار عميقة على المجتمع والتاريخ الجزائريين.

وقال ستورا: إن الجانب المعنوي والمصالحة مع الذاكرة يمثلان جوهر المطالب الجزائرية. فقد شدد عدد من المسؤولين الجزائريين في أكثر من مناسبة على أهمية تحقيق الحقيقة التاريخية والاعتراف الرسمي بالمعاناة التي عرفها الشعب الجزائري، معتبرين أن ذلك يُعد خطوة مهمة نحو بناء علاقات طبيعية بين البلدين.

يُذكر أن بنجامين ستورا كان قد أعد تقريراً بتكليف من الرئاسة الفرنسية حول ذاكرة الاستعمار وحرب الاستقلال في الجزائر، وأوصى فيه بجملة من الإجراءات الرمزية والتعاون في المجال التاريخي والثقافي، مثل إعادة الأرشيفات وترميم المقابر وتكثيف البحث الأكاديمي المشترك وقضايا أخرى تهدف إلى تجاوز الصراعات القديمة.

ومع أن الحكومة الفرنسية أبدت استعدادها لتنفيذ بعض التوصيات ذات الطابع الرمزي، إلا أن موضوع “الاعتذار الرسمي” لا يزال يشكل نقطة خلافية بسبب اعتبارات سياسية داخلية في كلا البلدين. ويؤكد ستورا أن هذه الملفات تحتاج إلى معالجة هادئة وواقعية تأخذ في الاعتبار مشاعر مجتمعي البلدين والحاجة إلى تهدئة الذاكرة بدلاً من تأجيج الجدالات القديمة.

باختصار، لا تركز الجزائر في مطالبها الحالية تجاه فرنسا على الجوانب المادية والتعويضات المالية بقدر ما تركز على استرجاع كرامة تاريخية ومصالحة حقيقية مع الماضي الاستعماري عبر اعتراف رسمي ومسار مشترك للذاكرة والتعاون.

موضوعات ذات صلة