تصاعد مشاعر العداء تجاه المهاجرين في الغرب: أزمة تهدد المجتمعات الغربية
شهدت المجتمعات الغربية في الآونة الأخيرة موجة متصاعدة من مشاعر العداء تجاه المهاجرين، حيث برزت هذه الظاهرة بشكل لافت من خلال مظاهرات ضخمة في لندن، وعرائض جماهيرية في فرنسا، وخطابات تروّج للكراهية والعنف في عدة دول أخرى. وتتزامن هذه التطورات مع تزايد الخطاب المعادي للأجانب وتحميل المهاجرين مسؤولية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الغرب حالياً.
لم تعد الحملات المناهضة للمهاجرين حكراً على الهامش السياسي أو الجماعات اليمينية المتطرفة، بل أصبحت تشكل جزءاً من الخطاب العام وتؤثر بشكل واضح في السياسات الرسمية والنقاشات الشعبية. فقد شهدت شوارع العاصمة البريطانية لندن خروج آلاف المواطنين في تظاهرات ترفع شعارات مناهضة للهجرة، فيما سعت عدة جمعيات مدنية إلى تمرير عرائض تطالب بفرض قيود أشد على المهاجرين وتحميلهم وزر المشكلات الأمنية والاقتصادية.
وفي فرنسا، تمكنت حملة إلكترونية واسعة النطاق من جمع توقيعات بالآلاف لدعم سياسات أكثر تشدداً ضد وجود الأجانب، وهو ما يعكس تغيراً ملحوظاً في المزاج الشعبي حول قضية الهجرة. كما سُجلت دعوات للعنف وتعابير كراهية في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، الأمر الذي عززه خطباء وسياسيون يستثمرون في تأليب الرأي العام لتحقيق مكاسب انتخابية على حساب الاستقرار والوحدة المجتمعية.
هذه التحولات الخطيرة لا تقتصر على أوروبا وحدها، فقد لاحظ مراقبون تزايد حدة المشاعر المعادية للمهاجرين أيضاً في الولايات المتحدة وأستراليا وبولندا وإيرلندا. وتشير تقارير حقوقية إلى أن هذه الموجة قد أدت بالفعل إلى حوادث عنف ضد الأجانب وضغوط نفسية على أسر المهاجرين وتهديد لقيم التعددية والاندماج التي شكلت ركائز المجتمعات الغربية.
يحذر خبراء في الشأن الاجتماعي والسياسي من أن استمرار تصاعد الخطاب العدائي ضد المهاجرين ربما يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي ويفتح الباب لصراعات داخلية تهدد الاستقرار والتنمية. ويوصون بضرورة العمل على تعزيز الحوار المجتمعي وترسيخ قيم التعايش ومواجهة حملات الكراهية بحزم على كافة المستويات القانونية والثقافية.
تواجه الدول الغربية اليوم تحدياً كبيراً في إعادة التوازن لنقاشاتها حول الهجرة، بعيداً عن الشعبوية والكراهية، بحثاً عن حلول عادلة ومستدامة تضمن أمن المجتمع وتحترم في الوقت نفسه حقوق الإنسان وكرامة جميع السكان بغض النظر عن أصولهم.