علاقات فرنسا والجزائر: تقييم عام من ولاية برونو ريتايو في وزارة الداخلية الفرنسية

بعد مرور عام على تعيين برونو ريتايو وزيراً للداخلية في فرنسا في 21 سبتمبر 2024، يبرز ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية كواحد من أبرز التحديات التي واجهتها الحكومة الفرنسية خلال هذه الفترة. منذ توليه المنصب، بدا واضحاً أن ريتايو وضع قضية الهجرة، خصوصاً القادمين من الجزائر، على رأس أولوياته السياسة، وتبنّى نهجاً متشدداً وغير تصالحي بشأن تنظيم الهجرة والسيطرة عليها.

ومنذ تولي ريتايو مهامه، اتخذت الحكومة الفرنسية إجراءات عديدة للحد من تدفق المهاجرين، بما في ذلك تشديد شروط منح التأشيرات وتقليل وتيرة قبول طلبات اللجوء، وخصوصاً القادمين من البلدان المغاربية. إلا أن الجزائر، التي تعد واحدة من أهم شركاء فرنسا في شمال أفريقيا، بقيت محوراً رئيسياً في هذه الإجراءات.

ورغم الجهود الرسمية لتعزيز التعاون بين البلدين في ما يخص إعادة المهاجرين غير النظاميين ومكافحة الهجرة غير الشرعية، فقد واجهت هذه السياسة صعوبات حقيقية في التطبيق. أظهر العام الأول من ولاية ريتايو تعثراً في الوصول إلى نتائج ملموسة في مسار التعاون مع الجزائر بهذا المجال، حيث اصطدمت الخطط الفرنسية بحواجز دبلوماسية وصعوبات تنفيذية. على الرغم من تصريحات ريتايو المتكررة حول ضرورة تخفيض أعداد المهاجرين والتركيز على “سياج الهجرة”، لم يتحقق التغيير الملموس، وبقيت أرقام العودة إلى الجزائر ضئيلة مقارنة بالتوقعات الرسمية.

التوترات الدبلوماسية بين باريس والجزائر ازدادت حدة خلال الشهور الأخيرة، لا سيما بعد انتقادات وجهتها شخصيات سياسية جزائرية للسياسات الفرنسية باعتبارها تمييزية وغير منصفة. من جهة أخرى، أشار بعض المحللين إلى أن السياسات المتشددة لوزير الداخلية الفرنسي ساهمت في توتير العلاقات الثنائية وأثرت سلباً على إمكانية فتح آفاق تعاون أوسع في مجالات أخرى كالأمن والاقتصاد.

محصلة سنة كاملة من سياسات ريتايو تجاه الجزائر تبدو مختلطة: لم تحقق باريس تقدماً يذكر في معالجة ملف الهجرة مع الجزائر، بينما ازدادت حدة التوترات بين البلدين. يبقى المستقبل مفتوحاً أمام إمكانية تجاوز هذه الصعوبات، لكن من الواضح أن السياسات المتبعة حتى الآن لم تثمر نتائج ملموسة كما كان مأمولاً عند بداية الولاية الحالية.

موضوعات ذات صلة