جدل في فرنسا بعد تصريحات حول “التهديد الديموغرافي” للمسلمين على إحدى القنوات الإعلامية
أثار مقطع بثته قناة “فرانس إنفو” الفرنسية موجة واسعة من الجدل والاستياء لدى الأوساط الإسلامية والحقوقية في فرنسا، وذلك بعد تصريحات اعتبرت مسيئة للمسلمين وتكرّس للصورة النمطية السلبية بحقهم. وجاءت ردود الفعل بعد أن صدرت عن إحدى المشاركات في البرنامج، الصحفية فيرجيني لوكاسبل، تصريحات اعتبرها كثيرون تجاوزاً للخطوط الحمراء وتحريضا ضمنيا ضد الجالية المسلمة في فرنسا.
وكانت التصريحات قد ربطت الزيادة السكانية بين المسلمين في فرنسا بما سمي “تهديداً ديموغرافياً”، وهي لغة يرى مراقبون أنها تحاكي اطروحات يمينية متطرفة طالما اعتبرت التعددية الدينية والثقافية “تهديداً لهوية المجتمع الفرنسي”. ولم تمر هذه التصريحات دون رد من المؤسسات الدينية، حيث سارعت إدارة المسجد الكبير في باريس، بقيادة الشيخ شمس الدين حافظ، إلى التنديد بها معتبرة أن هذه الخطابات تسهم في تأجيج مشاعر الكراهية وتغذية الموجة المتصاعدة من أعمال الإسلاموفوبيا في البلاد.
وأشار مسؤولون في المسجد الكبير إلى أن تصاعد وتيرة الأعمال العنصرية والاعتداءات على المسلمين خلال السنوات الأخيرة يتغذى أساساً من مثل هذه التصريحات التي يتم بثها على المنصات الإعلامية من دون محاسبة كافية للمحرضين. وحذر شمس الدين حافظ من أن التطبيع مع هذه الخطابات يهدد السلم الاجتماعي في فرنسا، ويدفع بقطاع من المجتمع الفرنسي نحو الانقسام وعدم الثقة المتبادلة.
وقد أعاد هذا الحدث فتح النقاش العام في فرنسا حول مسؤولية وسائل الإعلام ونخبها في التعامل مع قضايا التعددية الدينية، وكيفية تناولها بصورة متزنة ومتزنة بعيداً عن التحريض أو التشويه. كما شدد كثير من الناشطين الحقوقيين على ضرورة تطبيق قوانين مكافحة العنصرية وخطاب الكراهية بصرامة أكبر، مؤكدين أن مستقبل التعايش في فرنسا يعتمد بشكل أساسي على احترام الآخر، وقبول الاختلاف.
يذكر أن فرنسا شهدت في السنوات الأخيرة تزايداً في المؤشرات المرتبطة بالإسلاموفوبيا، بحسب التقارير السنوية للمنظمات المعنية، ما يضع الملف على رأس أولويات النقاش المجتمعي والسياسي في البلاد. وتبقى الأنظار مركزة على دور الإعلام والمسؤولين في توجيه الخطاب العام وتعزيز أسس العيش المشترك بين جميع المكونات.