محاكمة كبرى في إسبانيا بتهم فساد مرتبطة بصفقات خلال حقبة بوتفليقة
تشهد إحدى المحاكم الإسبانية هذه الأيام محاكمة بارزة تتعلق بملف فساد مالي كبير مرتبط بفترة حكم الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة. وتسلط هذه القضية الضوء على حلقة ممتدة من التلاعب المالي والرشوة عبر قنوات رسمية وشخصيات سياسية نافذة في كل من إسبانيا والجزائر.
بحسب مصادر إعلامية إسبانية، يواجه عدد من المسؤولين الإسبان السابقين اتهامات خطيرة بتقديم رشاوى لمسؤولين جزائريين بين عامي 1999 و2019، بهدف تأمين صفقات تجارية ومشاريع ضخمة في الجزائر. وتضم قائمة المتهمين اثنين من أعضاء الحزب الشعبي الإسباني السابقين، أحدهما كان يشغل منصب سفير.
وطالب الادعاء الإسباني بإنزال عقوبات سجن قاسية بحق المتهمين، مستندًا إلى دلائل قوية جمعتها التحقيقات التي دامت عدة أعوام وشملت مراجعة تحويلات مالية مشبوهة وعقود حكومية أبرمت لصالح شركات إسبانية في الجزائر.
وكشف التحقيق أن صفقات مشبوهة أُبرمت في قطاعات متعددة، أبرزها الطاقة والبنية التحتية. وتضمنت تلك الصفقات دفع رشاوى بمبالغ كبيرة لمسؤولين جزائريين نافذين مقابل منح الشركات الإسبانية الأفضلية في الفوز بالمناقصات الحكومية، دون مراعاة الشفافية أو التنافسية العادلة.
وأشارت التقارير إلى أن بعض هذه العمليات أُخفيت من خلال شركات وسيطة في بلدان أخرى لتضليل الجهات الرقابية، وهو ما يُعَدّ خرقاً لقوانين مكافحة الفساد الأوروبية والدولية.
يذكر أن الفساد كان أحد أبرز مظاهر حكم بوتفليقة الذي استمر حتى عام 2019، حيث واجهت الجزائر خلال ولاياته اتهامات واسعة بالتلاعب بعقود الدولة وتقديم امتيازات لشركات أجنبية ومحلية بشكل غير قانوني. وأدت هذه القضايا لاحقًا إلى تحركات قضائية ضد رموز النظام السابق في الجزائر، بينما تمتد تأثيراتها اليوم إلى أروقة المحاكم الأوروبية.
تأتي هذه المحاكمة في ظل تزايد الضغوط الأوروبية لمحاربة الفساد في دول جنوب المتوسط، وتشير إلى استعداد سلطات إسبانيا لتطبيق مبدأ الشفافية والمساءلة حتى مع مسؤولين سابقين ونافذين. ومن المتوقع أن تصدر الأحكام في الأشهر المقبلة، وسط ترقب إعلامي وسياسي واسع حول تداعياتها على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسبانيا والجزائر.