من راعي يتيم في الجزائر إلى جراح مرموق في فرنسا: قصة خليفـة عيد سعيد
تروي قصة الدكتور خليفة عيد سعيد، الجراح الجزائري البارز المقيم في فرنسا، حكاية ملهمة تجسد معاني الصبر والطموح والإصرار على تحقيق الأحلام. وُلد خليفة في إحدى القرى البسيطة في الجزائر ونشأ يتيماً، حيث اضطر للعمل في رعي الأغنام لمساعدة أسرته في مواجهة ظروف الحياة الصعبة. إلا أن تلك البداية القاسية شكلت دافعاً قوياً له للبحث عن مستقبل أفضل وتجاوز العقبات التي تعترض طريقه.
ورغم صعوبة الظروف، أظهر خليفة منذ صغره شغفاً كبيراً بالعلم والتعليم، فكرس وقته للمذاكرة والدراسة على ضوء شمعة في الليالي الباردة حتى أحرز نتائج مميزة أهلته للالتحاق بالجامعة. وبعد حصوله على شهادته الطبية من الجزائر، دفعه طموحه الكبير للسفر إلى فرنسا بهدف استكمال تكوينه العلمي والطبي.
لم تكن الغربة سهلة عليه؛ فقد واجه تحديات كبيرة ابتداءً من تعلم لغة جديدة، مروراً بتأقلمه مع نظام دراسي مختلف، وحتى إثبات مكانته بين نخبة من الأطباء المتميزين في فرنسا. ومع ذلك، لم يستسلم؛ بل واصل العمل والاجتهاد إلى أن حصل على فرصته للتخصص في الجراحة الروبوتية بالجامعات الفرنسية، خاصة في كلية الطب بباريس حيث تلقى تدريباً على أعلى مستوى. وواصل بعدها التكوين والعمل حتى أصبح أحد الجراحين الروبوتيين البارزين في فرنسا، ويعمل حالياً في عدة مستشفيات منها مركز جامعة كاين ومستشفى ليسيو، بالإضافة إلى مساهمته في المجال البحثي والتدريسي.
قصة الدكتور خليفة عيد سعيد ليست مجرد حكاية نجاح فردي، بل مصدر إلهام للأجيال الجديدة، خاصة لأولئك الذين نشأوا في ظروف مشابهة. فهي تؤكد أن العمل الجاد والإرادة والتمسك بالحلم قادرة على نقل الإنسان من أفق محدود إلى آفاق أوسع من التميز والعطاء.
لقد تحولت تجربة الطفولة الصعبة، التي بدأت وسط الطرق والأغنام وبين جبال الجزائر، إلى مسار طبي استثنائي أنقذ من خلاله حياة الكثيرين، وأثبت أن التفوق لا يعرف حدود الجغرافيا ولا تحديات الواقع.