تحرير سورية من الذئاب المنفلتة .. الانزال الروسي في النورماندي السوري. بقلم نارام سرجون
نشرت بواسطة: التقدمية
في أخبار عسكرية, كتاب التقدمية
4 أكتوبر 2015
تعليق واحد
2,149 زيارة
سخرية الأقدار هي أن يضحك القدر حتى يغمى عليه وهو يستمع الى تدافع التصريحات الدولية التي تقر بالحاجة الى التخلي عن اشتراط رحيل الأسد .. هل يمكن لأحد منا أن يطلب من الأقدار ألا تضحك من قلبها على توالي زعماء أوربة واحدا بعد الآخر للتصريح أن لامناص من محاورة الأسد ولو على الأقل خلال المرحلة الانتقالية .. العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا يكاد يشتعل بتصريحات متراجعة .. فلانكاد ننام على تراجع حتى نصحو على تراجع جديد .. العالم يبدأ مرحلة الانسحاب التكتيكي من مرحلة العداء مع الأسد .. بل كيف لي أن أضع يدي على فم الأقدار التي تضحك بشكل هستيري حتى اختنقت بالضحك وهي تستمع الى أردوغان يقرر أخيرا ورغم أنفه أنه سيقبل وجود الرئيس الأسد ولو مؤقتا ومن دون منطقة عازلة ومن دون ركعة واحدة في المسجد الأموي ومن غير وضوء ..
واعذروني ان قلت لكم بأنني لن أدرك الأقدار قبل أن يغمى عليها من شدة الضحك وهي ترى الاخواني الواعظ قنصل ايباك الفخري راشد الغنوشي وهو يقر بضرورة المصالحة بين السوريين حتى مع الرئيس الأسد .. ضحكت كثيرا وأنا أمرّ على المصطلحات المدورة والمكورة والمنحنية والمواربة والمستحية والمتعجرفة الذليلة .. ولم يعد ينقصنا الا أن يخرج خالد مشعل و أن يحرق علم الثورة السورية أو علم تركيا أو علم قطر ويرفع صورة الرئيس بشار الأسد .. ولم تعد سخرية الأقدار المضحكة لتكتمل حتى نرى القرضاوي يدعو للرئيس الأسد بطول العمر وأن يقصف عمر أردوغان وأن يفتي بقتله ويضع دمه في رقبته الى جانب دم العقيد القذافي ودم مئات آلاف المسلمين الذين تسبب بموتهم .. وقد يدير فيصل القاسم حلقة كاملة هستيرية عن المؤامرة الصهيونية القذرة على الشعب السوري الذي يحتاج الرئيس الأسد .. وربما ينهض الشفقة من حيث لانحتسب ويرى أن من الضروري شد ظهر الهلال الشيعي لأنه هلال مقاوم .. ولاأستغرب أن يستعين أبو محمد الجولاني بمراجعات (عبود الزمر) الذي أفتى بقتل السادات ثم تفنن في فقه التراجع واعتبر السادات شهيدا وقتله جريمة .. بل وقدم اعتذاره الشهير الذي كان بداية الصفقة بين الاخوان المسلمين والغرب لمشروع الربيع العربي ..
هل أدعوكم للمرور معي في جولة تفقدية على وجوه أولئك الذين توعدونا يوما بالتدخل الغربي وبالأساطيل الاميريكية وبالفصل السابع الذي يسقط النظام ورقصوا وبكوا وكذبوا من أجل أن يقدموا الأعذار للناتو بالقدوم والنزول على الشواطئ السورية .. فتلك الوجوه هي التي تظهر عليها الدهشة من سخرية الأقدار منها .. أريد ان أمرّ أيضا على وجوه أولئك الذين بذلوا جهودا خارقة لصناعة وتصميم فكرة اسمها (لحظة التخلي الروسي الحتمية عن الدولة السورية) وتنبأ لنا بتراجع الروس عن دعم الموقف الوطني السوري ودخل في تفاصيل صفقات بيعنا وشرائنا .. وأثماننا ببراميل النفط .. المقدم منها والمؤخر .. وعن التعب الروسي وعن تردد الجيش الأحمر .. وبلغ الأمر أقصى السخرية عند الحديث عن لحظة لجوء الأسد الى غواصة روسية تحت البحر .. بل وأسهب الثوار في وصف ملجئه وسريره وستائر بيته في سيبيرية .. ولاأدري ان كانوا سيبشرون جمهورهم اليوم أن الغواصة التي يتهيأ الرئيس الأسد للنزول بها تحت الماء والاختباء من الثورة المباركة قد وصلت بين سفن الأسطول الروسي الى طرطوس ..
لايعنيني كيف يواجه هؤلاء الناس وكيف يجادلون القراء المخدوعين وتلك الغوغاء التي تبعتهم خمس سنوات بأيامها ولياليها .. بل يعنيني كيف ستبصق الكلمات التي كتبوها عن ذلك في وجوههم لأنها اليوم تحس أنها كلمات تسري دماء الكذب في عروقها وأنها حمّلت من الكذب مالاطاقة لها به .. ستبصق في وجوههم بصاقا أسود لما تحس به من احتقار واذلال وهي ترى أن من نزل على الشواطئ السورية ليست الغواصة التي ستقل الرئيس الأسد الى ملجأ .. بل هي الأساطيل الروسية التي ستنقل الثورة الوهابية الى محطة مجهولة .. وأن الروس أثبتوا أنهم لايباعون ولايشترون وأنهم ليسوا أغبياء ليبيعوا مالايباع .. وأن حلف المقاومة متماسك كالبنيان المرصوص ..
ولايعنيني مايقول هؤلاء وهم يستعملون متاريسنا وقلوبنا و مفرداتنا ويلوذون بوطنيتنا التي ترفض التدخل الاجنبي ويذكروننا أننا رفضنا خيانتهم يوم استنجدوا بالناتو ويطلبون منا أن نحل المعضلة الفقهية الأخلاقية في أننا لايجب أن نقبل التدخل الروسي الذي يوازي طلبهم بالتدخل الأمريكي .. هؤلاء الذين يريدون احراجنا بذلك هم الذين يمزجون دم اللغة بدم الأفاعي البارد ويخلطون مذاق الرحيق بلعاب التماسيح ونكهة النعناع بنكهة الخشخاش .. وهم المتشدقون الذين يسرقون كل شيء حتى الشعارات الوطنية ويستعملونها لستر الخيانة ويتقاذفونها .. وهم أنفسهم الذين اجترحوا معادلة الاستعانة باسرائيل وبيع الجولان لنتنياهو ولواء اسكندرون لأردوغان من أجل الفوز بالسلطة .. وهؤلاء هم الذين ارتكبوا مجزرة الكيماوي من أجل أن تتحول سورية الى محرقة كبرى بالسلاح الأميريكي واليورانيوم المنضب ..
هؤلاء لن نشغل أنفسنا بالرد عليهم لأن الرد عليهم لايجدي فهؤلاء لايبحثون عن الرد ولاعن الحقيقة لأننا أمضينا خمس سنوات نقتح لهم كتب المنطق والتاريخ والجغرافيا والوطنية والقرآن والأخلاق دون أن ينفع ذلك .. لأن التفكير السليم علمنا يوما أن هناك كلام حق كثيرا يراد به باطل كبير .. ان رفع شعار أن مانفعله من التعاون مع الروس هو مطابق لما فعلوه بالتعاون مع الناتو يشبه خدعة المصاحف على الرماح .. فكما رفعت يوما المصاحف على الرماح لاحراج السلطة الشرعية المتمثلة في “علي” بأنها تتحدى دستورها القرآني فان البعض يرفع اليوم مصاحفنا الوطنية الرافضة لاستدعاء الناتو .. شعاراتنا المقدسة التي ترفع على رماح الوطنية يراد بها باطل لابطال وطنية الاستعانة بالحليف الروسي لتحرير الأرض .. ولكننا لسنا من أولئك الذين تحرجهم الادعاءات الماكرة ولن تهزنا المصاحف بأيدي المنافقين ولن نكترث بها ..لأن المصحف الذي يحمله المنافق لايشبه الا صلاة بلا خشوع وبلا سجود ولا ركوع ..
ليست هناك حذلقة ولا ازدواجية معايير وطنية .. ولمن يريد أن يفهم المعركة اليوم وتفاصيل التدخل الروسي فعليه أن يدرك أننا نواجه احتلالا أطلسيا عبر حروب الجيل الرابع وأن الحقيقة هي أن تركيا ومن خلفها الناتو صارت تحتل بشكل مقنع جزءا جديدا من شمال سورية عبر لعبة الثورة وبقفازات داعش وجبهة النصرة والجيش الحر .. فطوال الحرب على سورية تردد الناتو في التدخل واكتفى بالضغط الهائل السياسي والنفسي ولكن الميدان بدا أنه محسوم للجيش السوري .. فمنذ معركة بابا عمرو والجيش يتنقل من تحرير الى تحرير بسهولة فائقة .. لم يتدخل الناتو علنا في كل هذه المعارك لأنه اعتقد أن الجيش السوري غير قادر على حسمها بسهولة .. ولكن الناتو في معركتي ادلب وتدمر قرر تغيير قواعد اللعبة بشكل خطير لأول مرة .. فهو من خاض فيهما الحرب الالكترونية والتنصت والتشويش والرصد بالطلعات الجوية وبالاقمار الصناعية بحجة محاربة الارهابيين بل ان كل الخطط وضعت في غرف عمليات أشرف عليها ضباط الناتو في تركيا بالتنسيق مع غرفة موك في الجنوب حيث تم شن هجمات منسقة لتشتيت انتباه الجيش بين الشمال والجنوب .. ولكن الناتو كسر خطا أحمر عندما دفع بالسلاح النوعي لمرتزقة من كل دول العالم لاختراق ادلب وريفها واحتلال تدمر وجنوب درعا .. وهذه كانت غلطة العمر لأن الاستعانة بالناتو واسرائيل كانت كاملة في الأشهر الأخيرة ولاينقصها الا الحملة الجوية العلنية التي استعيض عنها بسلاح نوعي جدا وغطاء الكتروني وتكنولوجي عال وسلاح الجو الاسرائيلي الذي يشارك جهارا نهارا في المعارك ضد الجيش السوري .. هذا الانخراط الغربي المخاتل المخادع الذي يغوص حتى أذنيه في الحرب خلسة لن يمر دون عقاب ودون رد من نفس النوع .. فالناتو هو الذي دخل الحرب خلسة علينا وهو البادئ بالاعتداء .. ولذلك اذا كان الناتو قد دخل الحرب فاننا وجدنا أن علينا اعلان حرب تحرير ضد الناتو .. وفي حرب ضد الناتو لامفر من الاستعانة بالعدو الحيوي والطبيعي للناتو وهو روسيا .. لأن الحروب الكبرى مع الكبار تقتضي تحالفات كبرى مع الكبار .. وكما أن الفرنسيين لم يخجلوا من تحرير فرنسا التي احتلها النازيون بالاستعانة بالحلفاء فاننا لن نخجل من اي تحالف لطرد النازيين الأتراك وعملائهم من النازيين الاسلاميين الذين يحتلون شمال سورية ..
وهناك حقيقة أخرى هي أن الروس – وهم تلامذة مدرسة “الحرب والسلام” – يعرفون أن الأذرع الأميركية في سورية ستتجه نحو القوقاز ان استطالت وتمددت .. فقرروا بتر الأذرع الاميريكية في المنطقة قبل أن تطول .. فالمراوغون الأميريكيون كانوا يريدون جعل المنطقة مزرعة للتنظيمات الاسلامية لبضعة عقود حتى تتحلل المجتمعات الشرقية تحللا ذاتيا وتتفكك وفي رحلة التفكك سيتم استخدام منتجات التفكك الاسلامي لتفكيك روسيا والشرق الأقصى .. الغرب هو من يرعى داعش والنصرة وهو من كلف أردوغان بمهمة الراعي الذي يشرف على الأغنام .. ولذلك فان كل قنبلة روسية تسقط على داعش والنصرة اليوم يهتز منها البيت الأبيض ويغمض عينيه كيلا يرى جنوده الدواعش من الذئاب المنفردة والمنفلتة صرعى .. وكل قنبلة روسية تصيب العسكريين ورجال المخابرات الاميريكيين بالهستيريا .. فالذئاب المنفردة التي جمعت في داعش والنصرة حتى باتت قطعانا منفلتة يتم احراقها وسحقها ولاتملك الذئبة مرضعة الذئاب التركية ولا صاحبة الذئاب أميريكا أن تفعل شيئا لأن الاعتراض يعني اعترافا علنيا أن تنظيمات الذئاب الاسلامية هي ملك للجيش الأميريكي وهي التي أوكل اليها مهمة حروب الجيل الرابع ..
هناك من يعتقد أن الروس ربما أوقعوا الاميريكيين والسعوديين في فخ بالسماح للأميركيين بقرار دولي لمحاربة الارهاب وتشكيل تحالف ضده في سورية لأن الاعتراض عليه كان يعني أن داعش تحميها روسيا والنظام الذي كان يشاع أنه صمم داعش لتدمير الثورة السورية فتم تمريره ضمن ممرات صارمة لاتمس الدولة السورية .. وكذلك صمت الروس عن قرار يجيز للسعودية الدخول الى اليمن لأن المطلوب كان أن تغرق السعودية في حرب طويلة بعيدا حيث تنزف بهدوء ويسيل دمها الأسود .. ولذلك لايبدو اعتراض اميريكا على الحملة الروسية منطقيا أو قادرا على المناورة بالكلام والمراوغة .. فكيف تبرر اعتراضها وهي بنفسها التي أدرجت النصرة وداعش على قوائم الارهاب ودعت الى تحالف دولي ضد ارهابهما في مجلس الأمن؟؟ الأميريكيون اعتقدوا أن الروس لن يقدموا على المجازفة والمشاركة في أي تحالف وسيتركون الناتو يقوم بدور الشرطي ضد الارهاب حيث يقوم الشرطي بالتحايل على الناس والقانون وتمثيل دور رجل الشرطة الصارم وشريف البلدة ولكنه حقيقة يقوم بتقاسم المسروقات ليلا مع اللص الارهابي والذئب ذي اللحية الاسلامية في لعبة دولية قذرة ..
المعركة الآن مهما قيل أنها بين الدولة السورية ومعارضين متشددين اسلاميين فانها في الحقيقة معركة تحرير سورية ومعركة بتر الأذرع الاميريكية وطرد الناتو المحتل لبعض الأرض السورية بغطاء مراوغ .. وهذه المعركة تشبه معركة تحرير أوروية في الحرب العالمية الثانية من النازية التي قادها عمليا البلدوزر الروسي وجرف في طريقه النازيين وجحافلهم .. اليوم يقوم الروس بانزال في طرطوس يشبه انزال النورماندي الذي قام به الاميريكيون على الشواطئ الفرنسية والذي افتتح عملية تحرير اوروبة .. وسيرى الثوار معنى القصف بالجحيم على أصوله لأن الأيام القادمة ستظهر لهم مفاجآت قاسية وسيعرفون أن الروس لايداعبون أعداءهم وأن الأم الحنون الأميريكية كانت تقصفهم بالوسائد لا بالقنابل .. وسيتوالى هطول الجحيم على كل الثوار في عملية يسميها الضباط الروس عملية أرقى من تطهير الأرض لأنها ستكون مرحلة تعقيم الأرض من موجات الذئاب المتطرفة ..
الروس يريدون ويرددون أنهم يريدون سورية دون تقسيم لأن تقسيمها ضد مصلحة روسيا أولا .. فهذا يعني تحطيم الخرائط الاقتصادية والسياسية التي تحمي روسيا وسيكون كل مشروع روسيا للنهوض ثانية بلا طائل دون السماح لها بالهبوط على أكبر حاملة للطائرات في العالم هي سورية حيث تتوسط مفارق العالم نحو الغرب والشرق ونحو الشمال والجنوب .. فيما كان الاميريكيون يروجون لمرحلة تقسيم سورية للحصول على حاملة الطائرات العملاقة ومنع الروس من الهبوط على مدرجاتها .. المعركة بدأت والأيام القادمة سيكون الشعب فيها على موعد طال مع تحرير سورية ..
الغرب مضطرب فهو في محنة أخلاقية عويصة أمام جمهوره وفي محنة ديبلوماسية وعسكرية لأنه غير قادر على مساعدة قطعان الذئاب وغير قادر على الاعتراض على التحرك الروسي لاعتبارات عسكرية واضحة ولكن أيضا لانه لم يمسك بعد بالحجة والذريعة القوية للاعتراض على قصف اسلاميين شاهدهم العالم على مدى سنوات على أنهم ليسوا مقاتلي حرية بل آكلو قلوب وذباحون وتجار سبايا ومجاهدو نكاح مهووسون باللذة المحرمة .. واذا تحالف الروس والغرب ضد النازية فلماذا لايتفقان في الحرب على الارهابيين ؟؟ ..
مشروع تحرير سورية من كل ذئاب الناتو المنفردة والمتفرقة والمجتمعة بدأ على يد الجيش السوري وحليفه الجيش الروسي .. ولذلك أجدني لأول مرة في حياتي لاأقدر على أن أكتب كلماتي لا بالحبر ولا بالرصاص ولا أن أقطفها من أي كتاب ولا من فم أي قصيدة أو ملحمة .. لأنني قطفت كلام هذه المقالة من فم طائرات السوخوي ومن تحت أجنحة الميغ .. وليس في فم السوخوي الا مذاق النصر .. وأنا جالس في مكتبي أشرب قهوتي لأول مرة منذ أربع سنوات وأحس طعمها لذيذا فيه نشوة خفية .. وكنت فيما مضى أشرب ألف فنجان وكأني شربت ماء البحر .. انها حقا سخرية الأقدار .. أن يصبح فنجان قهوة واحد بنكهة السوخوي يعادل ألف فنجان من بحيرات اللغة التي صارت مالحة .. كماء البحر ..
==================================
ملاحظة: نسيت أن أقول للثورجيين أنه بالفعل هناك غواصة روسية في المياه السورية ولكن ليس لاصطحاب الرئيس الى المنفى بل لغرض آخر .. لن يروق للثوار معرفته ..
2015-10-04
عن التقدمية
مقالات مشابهة
تعليق واحد
اضف رد إلغاء الرد
نارام سرجون كاتب وطني رائع ،، تحياتي له