لك-الله-أيها-الجنوب-آثار-الحرب-علي-الجن

الرئيسية » كتاب التقدمية » لك الله أيها الجنوب: آثار الحرب علي الجنوب السعودي. بقلم د . حسن العمري

لك الله أيها الجنوب: آثار الحرب علي الجنوب السعودي. بقلم د . حسن العمري

في كتاب التقدمية, منبر حر

12 مايو 2015
0
526 زيارة

حسن العمريمخاوف العرقنة و التهجير القسري لساكنيه .  

هاهي طبول الحرب تدق في منطقتنا وهانحن أبناء منطقة الجنوب مع أبناء بقية المناطق نساق الي حرب لم نعلم عنها شيئاً إلا بعد إنطلاقها ، وهكذا يأخذنا الإعلام الرسمي والتابع  لما يسمى بعاصفة الحزم  في إنتصارات كبيرة وسيطرة كاملة على الأجواء اليمنية خلال 15 عشر دقيقة ، كل ذلك قبل أن نستيقظ.

 وما أن تمضي عدة أيام وتتضح فداحة الخطأ والعدوان على أشقاءنا في اليمن و ما ان تبدأ جنازات أبناءنا في العودة من الجبهات المفروضة عليهم ظلماً وعدواناً وعلى إخوتنا في اليمن إلا ويقوم أحد الباحثين في الشئون الأمنية !!!  ويصدح قائلاً إن السعودية في حالة حرب فما هو دورالمواطن؟

 

لك الله  أيها الجنوب….سنين من الإقصاء

لم يكن الجنوب في عيون مسئولي النظام إلا مخزناً بشرياً يجب توظيفة وإستيعابه في ثكنات الجيش ، فقامت المدن العسكرية في مدينتي خميس مشيط وجيزان ، وإزدهرت بسببها وحولها تلك المدن وأتسعت ، إلا أن ابناء المنطقة لم تكن لديهم خيارات كثيرة غير الإنخراط في تلك الوظائف العسكرية ، ومن كانت لديه قدرة أو طموح فلديه الفرصة أن يذهب ويتغرب في احدى المدن الرئيسية البعيدة  التي فيها الجامعات والوزارات والكليات العسكرية التي تخرج ضباطاً لاجنوداً.

هكذا جيلاً بعد جيل حتى تكدست المدن الكبرى وخلت قرى الجنوب الا من كبار السن والعجزة وبعض أبناءها ممن توظفوا في التعليم وغيرها من الوظائف الهامشية.

لم يحض الجنوب بحصته من الثروة التي انعم الله بها على البلاد فلم تأت اليه الجامعات والمشاريع الا في آخرعشر سنوات وبدون تخطيط جيد بل على شكل عشوائي ، بعيداً عن متطلبات  وإحتياجات المنطقة ومايناسب بيئتها وحضارتها وطبيعة سكانها وفق رؤية إستراتيجية للتنمية في المنطقة .

لم تحض أمارات تلك المنطقة على مدى سنين  الا بمسئولين ضعفاء بلا صلاحيات سواءاً كانوا أمراء  من الأسرة الحاكمة يمارسون الأمارة والأستفادة من ميزانيات هذه الأمارات، ليقوموا بعد ذلك بإيكال مهام وشئون مواطني تلك المناطق لوكلاء الأمارات ، والذين هم غالباً من ذوي الخلفية الأمنية ليقوموا بأعمال إستتاب الأمن لصالح وزارة الداخلية ، لم يكونوا خبراء في التنمية ولا في التعليم ولا في مجال الصحة ،…أمن الدولة أولاً وأخيراً وإدارة شئون القبائل في تلك المناطق.

 

لك الله أيها الجنوب…من يعيد للجنوب شافعيته

إنتقل كثير من شباب المنطقة إن بأنفسهم أو مع عائلاتهم لتلك المدن التي فيها تلك الفرص التعليمية من جامعات ومعاهد ، ليجد بعضهم في مناهج معاهدهم وجامعاتهم أن بلادهم كانت بلاد شرك وعبادة قبور إلي أن قيض الله لهم العلامة الفذ عبدالله القرعاوى لكي ينشر تعاليم الدين (دعوة أهل الجنوب) وينقذهم من ضلالات الشرك وعبادة القبور، لقد صدم كثير- من الأذكياء والمتسائلين-  من أبناء المنطقة في أباءهم وأجدادهم هل يعقل أنهم كانوا هكذا مشركين وعباد قبور إلا من رحم الله منهم !!!!

ثم وجدوا أنفسهم بعد ذلك أمام إمتهان لهويتهم وعاداتهم فعرضتهم الرسمية يجب أن تكون  (العرضة النجدية) ، وأن ما تقومون به هو لون من ألوان الفلكلور الشعبي ، كما أن رقصتكم فيها نوع من الجهالة ليتم تسليط بعض صحويوا المنطقة ليصموها بالحرمة ،  ليبدأ سجال أبناء القبائل الجنوبية في كل صيف عندما يعودون الي قراهم ، هل العرضة حلال أم حرام ، الي عشرات المسائل الجزئية من مثل هل يجوز للمرأة  كشف وجهها ، الي غير تلك من الجزئيات الغريبة.

إرتفعت عالياً أصوات من يسمون بجيل الصحوة هذه ،  ليقوموا بالتأليب على ابناء المنطقة من بني جلدتهم ، يريدون أن يفهموهم أنهم على جهل وغواية وأنهم هم من عرف الحق والهداية وهكذا… لتبدأ  محاضرات بن مسفر والقرني والحوالى وغيره تصم الآذان لتقول لأبناء المنطقة  انكم جهلة وفسقة ولدينا طريق الهداية.

لقد جرت أكبر عملية تجريف للهوية والإستلاب العقدي لأبناء هذه المنطقة ، هذه المنطقة التي كان علماؤها وأبناؤها في أغلبهم على المذهب الشافعي ذي الإنتشار العريض في الحجاز وعسير واليمن تم إيهام أبناءه – تصريحا أو تلميحاً-  بأنهم مشركون وأن عليهم العودة للدين الصحيح وتم تجفيف كافة المدارس ومنع مدرسي المذهب من علمائنا الشوافع والأشاعرة اللذين يمثلون أهل السنة والجماعة في تلك المنطقة من البروز أو التحدث، وبعد مرورعدة سنين قام بعض أبناء المنطقة بعمل مراجعات فكرية لما آلت اليه المنطقة من تضليل فما كانت من الجهات الأمنية والجهات المشرفة على الشئون الإسلامية الا بمنع ومضايقة أولئك الدعاة والعلماء وكان من آخرهم الإخفاء القسري لإثنين من مشايخ المنطقة لأكثر من عام ونصف في سجون المباحث العامة وهما الشيخ عبدالله الشهراني والشيخ صالح الأسمري.

ولا أريد الحديث عن ما حدث في عاصمة  الحجاز وأقصد بها مكة المكرمة وماعاناه مشايخها من إتهام في العقائد وتضييق ومنع فهذا شأن آخر أيضاً.  

 

لك الله ايها الجنوب…عزل الجنوب عن مكوناته

تم فصل الجنوب السعودي عن كافة مكوناته عن طريق التجاهل والحرمان من التنمية والتواصل فقد بقيت مدن ومناطق تهامة مناطق معزولة لعشرات السنين ولم تكن تتمتع بمشاريع طرق توصل ابناء السراة بإخوانهم أبناء تهامة الا عبر طرق محدودة بعضها في الباحة والأخرى في أبها وذلك لمنطقة يقارب إمتدادها من الثمانمائة كيلو متر ناهيك عن الطرق(العقاب) التي يعملها الأهالي ذات الخطورة العالية .

بالإضافة الي عزل ابناء المنطقة عن بعضهم البعض كان هناك عزل لأولئك الذين خارج الحدود من أبناء المناطق والقبائل اليمنية ، وهنا حدث ولاحرج عن حجم معاناة اليمنيين وأخوانهم في الجانب السعودي ممن تربطهم  علاقات نسب أو قرابة أو حتى ابناء القبيلة الواحدة ممن لم يتم تصحيح أوضاعهم ، لقد كانت الحياة ومازالت جحيماً على أخواننا اليمنيين فهم لايستطيعون الدخول الي الأراضي السعودية الا بتأشيرة و كان من الصعب توفيرها في ظل أنظمة كفالة وشروط مجحفة بحقهم، فضلاً عن أكبر عملية طرد تمت في المنطقة إبان التسعينات عندما تم طرد عشرات الآلاف من المقيمين اليمنيين من المملكة،  لقد تم عزل المكون اليمني بالكلية لعقود، لايستطيع اليمني حتى أن يسافر براً الي الاردن او لبنان أو اي دول عربية اخري الا عبر المرور بالحدود السعودية والتي غالباً ما تمنعه مما يجعل الحياة هناك أشبه بسجن كبير، فضلاً عن ممارسة التجويع والإقصاء للشعب اليمني وحرمانه من حقة في حرية التنقل ، كما تم دعم شيوخ قبائل وعسكريين فاسدين لإستتباع اليمن وجعله يدور في فلك النظام السعودي، وهذا شأن آخر .

 

لك الله أيها الجنوب

أكبر عملية تهجير قسري في تاريخ الجزيرة العربية

تعرض أبناء الحد الجنوبي (منطقة جازان) في عام 2009م لأكبرعملية  إخلاء  وتهجير قسري لمناطق واسعة من المنطقة المحاذية للحدود اليمنية في محافظة جازان ذات الكثافة السكانية العالية والمستوي المعيشي المنخفض. وقد طالت أعمال التهجير قرابة (450) قرية، وتضرر منها أكثر من (12) ألفاً من المواطنين.

وقد شابت عمليات الإخلاء الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان. كما أن عمليات التعويض والإسكان والإغاثة تمت بطريقة غير منظمة، وشابها الكثير من أعمال الاستغلال والفساد، ومازال الكثير من سكان المنطقة غير راضين عن الإجراءات الحكومية التعسفية.

يعيش على طرفي الحدود قبائل عربية عريقة متداخلة في الأراضي والأنساب والمصالح، وتحمل نفس العادات، إلا أن خط الحدود المرسوم كان أكثر حدّة، وتم عزل جميع القبائل المتداخلة عن بعضها، كما قامت وزارة الداخلية السعودية ممثلة في (حرس الحدود) بعمل منطقة عازلة بين الحدود السعودية والحدود اليمنية، امتدت في بعض المناطق من (500) متر مربع إلى أكثر من عشرة كيلو مترات، حسب طبيعة وأهمية هذه المناطق الحدودية، وبناءاً  على تقديرات اللجنة العليا لحرم الحدود التابعة لحرس الحدود.

بعد انتهاء أعمال الحرب ضد الحوثيين في ذلك العام قامت السلطات السعودية بمنع الآلاف من سكان المنطقة من العودة إلى منازلهم وأراضيهم، وقامت بعمل سياج حديدي “شبوك ” ووضعت عدة بوابات. وقد قام العديد من أهالي المنطقة بالاعتصام السلمي أمام هذه البوابات، وتداعت كافة القبائل (قبائل الحرث) للاعتصام مطالبين بإعادتهم إلى مساكنهم وتمكينهم من أراضيهم، لكن دون جدوى.

بعد ذلك قامت وزارة الداخلية بمنع الاعتصام، والالتفاف على مطالب المواطنين ، كما قامت باعتقال بعض الناشطين الذين يدعون للاعتصام السلمي، أو يقومون بترتيب مثل هذه المظاهرات السلمية للمطالبة بحقوقهم، وكان منهم الناشط / عيسى النخيفي من أبناء المنطقة والذي ما زال سجيناً حتى الآن ، كما تم محاكمة أحدعرفاء تلك القبيلة محاكمة سرية بعد سجنه عدة سنين في سجون المباحث العامة السرية وذلك على خلفية إعترضه على تجريف أرضه وللأسف قتله أحد الضباط والجنود أثناء منعهم من هدم منزله وتجريف أرضه .

 

لك الله أيها الجنوب ….عرقنة جنوب المملكة

للأسف الشديد إن ما تجرنا اليه الحكومة بتوجهاتها وقراراتها العدوانية تجاه اليمن سيتضرر منها الجميع من مواطني المملكة ولكن أبناء المنطقة الجنوبية هم المتضررين بالدرجة الأولى وما الحروب السابقة التي ذهب ضحيتها المئات  والتهجير القسري للسكان الذي طال الآلاف الا نماذج وعينات لما يمكن أن تصل اليه المنطقة ، كما أن أدبيات التطرف والتكفير والإقصاء والإتهام  للآخر أصبحت أرضية جاهزة وملغومة لتكون أرض الجنوب مرتعاً لعصابات مسلحة في حال توسعت الحرب مع اليمن وخرجت عن السيطرة ، ونرجو الايأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه جماعات مسلحة متطرفة تجوب جبال السراه، لاسمح الله .

إن قرار الحرب المتهور والعدواني والذي لاتسنده شرعية قانونية أو أخلاقية هي من ستتسبب في فتح المستقبل على المجهول والمقامرة بأمن وسلامة ووحدة بلادنا ، مثل هذه الحرب تزيد الشق وتضرب اللحمة بين الشعبين والذين هما اشقاء ومن أمة واحدة  والمتضرر في هذه الاعمال الحمقاء المتعالية هم ابناء الجنوب ، قلناها مراراً وتكراراً  إن أي حرب دون موافقة نواب الأمة عبر مجلس شورى يمثل إرادة الشعب بصدق وآلية إنتخابية شفافة يعتبر مغامرة غير محسوبة ، وإستبداداً بالقرار وبمصير الشعب وغالباً ما يؤدي الى كارثة.

كما أن أي عمليات إخلاء لأجل عمليات عسكرية يجب أن تحضى بموافقة السكان الأصليين عبر مشاوارات جادة وصريحة من مندوبيهم وممثليهم، كما تنص عليه القوانين والمواثيق الدولية.

أخيراً …..هانحن نشاهد الحرب لم تحقق أهدافها ونري ملامح عسكرة وتعبئة في مناطق الجنوب غير مسبوقة ، وما إعلان الداخلية – إن صح – عن تشكيل مايسمى بوكالة الأفواج لتجنيد أبناء القبائل المتاخمة للحدود إلا نوعاً من التصعييد الخطير ، والإستمرار في السياسات الخاطئة نحو تفريق قبائل الجنوب وإستحداث عداوات بين القبائل الأخرى على الجانب الآخر من الحدود .

نذر التداعيات الإقليمية الخطيرة بسبب هذا العدوان وهذه القرارات الخاطئة والكارثية ستدخل الجنوب في دوامة لايعلم مداها إلا الله ، وأخشي ما نخشاه أن يتم عرقنة الجنوب السعودي ليكون مثل حال العراق أو سوريا مما لاتستطيع السيطرة عليه الحكومة المركزية في الرياض ، بسبب هذه السياسات الرعناء .

حفظ الله جنوبنا ويمننا ، وكفانا شر موقدي نار الحروب من المستبدين والمتكبرين .

المصدر: موقع شؤون خليجية



عن التقدمية


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*


*


رسالة-إلى-حكام-تونس-ابنوا-جدران-الفكر

الرئيسية » آخر خبر » رسالة إلى حكام تونس: ابنوا جدران الفكر…لا جدران التراب. بقلم مازن الشريف

رسالة إلى حكام تونس: ابنوا جدران الفكر…لا جدران التراب. بقلم مازن الشريف

في آخر خبر, كتاب التقدمية

9 يوليو 2015
0
861 زيارة

مازن الشريفبعد كل ما فعل الارهاب في بلادنا، وما يفعل في بلداننا العربية وفي العالم بأيد أكثرها من بلادنا، خرجوا علينا بجدار عازل بيننا وبين ليبيا، كحل ذهبي للمعضلة، وتفكيك عجيب للمسألة. هذا الجدار كم سيكلف من الجهد والمال؟ وهل يمثل درعا فعلا ضد الإرهاب؟ كم من قوى الجيش ومن طاقة افراده سيتم انهاكها في هذا المشروع؟ كم من الضربات الإرهابية يمكن للإرهابيين تسديدها حتى نهاية بناء هذا الجدار العظيم؟ هل حين يتم بناؤه لا يمكن للارهاب ان يضرب؟؟ هل الإرهاب جيش نظامي واقف خلف الحدود التونسية؟ ام أن انغماسيا واحدا لا تعرف عنه الداخلية شيئا قام بأكبر مجزرة وسبب اكبر إساءة لصورة تونس؟؟؟ هذا الحل الاستعراضي يذكرني بمائدة الإفطار العظيمة بعد عملية سوسة… رئيس الدولة يقول لا ادري هل من سوء حظ تونس ام حسن حظها وجودها على الحدود مع ليبيا، ورئيس الحكومة يقول: ليبيا أصبحت معضلة كبرى..فهل يعلمان أن أكثر الإرهابيين الذين ينشرون الموت في ليبيا واهم قادة داعش والقاعدة في ليبيا هم تونسيون، والامر نفسه في سوريا والعراق؟؟ هل يدري فخامتهم أن الإرهاب اليوم اغلبه صناعة محلية تونسية، وان تونس وفق التقارير هي اكبر مصدّر للارهاب؟ وهل يدرون ان الحلول كلها ما لم يكن فيها حلول ثقافية وفكرية ودينية وتنموية لا يمكن ان تنفع…هل نواجه فكر التكفير بجدار؟؟؟ وهل نصمت امام التعهير أيضا ونقول نحن دولة دينها الإسلام ونحن ضد التطرف في حين نفتح المجال لتطرف المعهرين خدم الإرهاب من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون؟ أين المخابرات؟ وجهاز أمن الدولة؟ ووكالة الامن القومي؟ ومنظومة الأمن الوقائي؟ ونظم الرقابة المتطورة؟ والتي يمكنها ان تعوض الجدران والخنادق والسواتر باقل تكلفة وجهد؟؟ وأين الخبراء والمفكرون والعلماء والمختصون الذين تزخر بهم تونس في كل هذا وهل تم الاستماع اليهم او استشارتهم في شي؟؟؟ إن بناء الجدار هو من الحلول العقيمة أولا لأنها متأخرة جدا، فلو تم بناء مثل هذا الجدار – او منظومات اكثر تطورا للرقابة الحدودية وهي متوفرة واقل جهدا وكلفة – منذ سنة 2012 لكان له معنى لمنع الجهاديين التونسيين من التسلل إلى ليبيا فمنهم من يستقر بها ينشر الخراب والموت ومنهم من يمضي لسوريا والعراق لنفس الغايات، وكذلك منع عصابات التهريب من ادخال السلاح الى تونس. أما اليوم فقد تمركز الدواعش التونسيون في بؤر النزاع وشكلوا أهم وأقوى أذرع الوحش الداعشي، وخلاياهم موجودة في تونس والسلاح تم تهريبه بشكل كبير مع اموال ضخمة وليس لدى الدولة فكرة حقيقية عن عدد الخلايا النائمة ولا عن مخازن الاسلحة.

ثانيا لأن مثل هذه الخطوة لابد أن تاتي بناء على دراية وفهم للواقع: هل تعاني تونس من وضع ليبيا، أم تعاني ليبيا أيضا من مشروع تم تمريره في تونس لتحطيم الشام وتخريبها، ومن سوء تقدير حكام بعد الثورة ان لم اقل اكثر من ذلك، حتى غدت تونس محضنة لتفريخ الارهابيين وصارت اكبر مصدر لهم في العالم. هنا جوهر المسألة وما يجب فهمه. لاسباب سياسية محضة لا يريدون الاعتراف بوجود من ساهم في هذه الكارثة بتواطئه او بحمقه او بعجزه، وهم اليوم يمضون في لعبة السياسي والكراسي، فلا يسمعون خبيرا ولا يرون بأسا في تبرير أكبر الكوارث والفضائح ككارثة سوسة وهي فضيحة فعلية بكل المعايير.. إن دولة تعلن الحرب على الارهاب ثم لا تحارب، وتعلن حالة الطوارئ ثم لا تفعّل شيئا يدل على ذلك، دولة لا تستطيع حتى منع بعض كلاب الطابور الخامس للارهاب من نشر اشاعاتهم التي تهدد الامن القومي وهي في حالة طوارئ، ودولة لا تستطيع منع من يحمل راية داعش ويؤمن مثلها بالخلافة من فعل ما يفعله في مجال السياسة والجمعيات والمؤتمرات التي يواكبها الاعلام الرسمي، دولة لا تستطيع تفكيك الجمعيات التي ثبت تمويلها للارهاب، دولة لا تستطيع منع التعهيريين من نشر سمومهم التي تخرب العقول والضمائر وتحفز على الارهاب والتكفير وتستفز مشاعر من لديه ذرة ايمان او عروبة….دولة الى اليوم لا تستدعي العلماء ولا تبني وكالة امن قومي ولا تراجع حتى حالة السجون وما فيها من دمغجة وعمل ممنهج لبث التكفير، ولا حتى الوعي بخطورة تحول بعض الامنيين والعسكريين واخرهم طيار الى دواعش وتكفيريين ولدي معلومات كثيرة دقيقة ولا اريد كشفها صيانة للامن القومي. ولا تبني مشروعا يبين الأسباب وكيفيات المعالجة، دولة ليس لدى سياسييها وحكامها الشجاعة للاعتراف ان الارهاب اليوم تونسي بنسبته الكبرى في داخل تونس وخارجها، وليس دليهم الشجاعة للاعتراف بالفشل، ولا الشجاعة لسماع اهل الذكر والمختصين والمفكرين…دولة مثل هذه ولو بنت الف جدار حولها سوف يجرفها الطوفان، الا ان يكون لطف الله…ابنوا جدرانا ضد الفكر التكفيري والتعهيري الذي يخدمه ويؤدي إليه، ابنوا جدرانا من الفكر بأفكار المفكرين، ومن الثقافة بكتابات المبدعين، ومن الروحانية بفقه وعلم العارفين الربانيين والعلماء الزيتونيين، ابنوا جدرانا من الأمان في قلوب الناس، ومن النماء والرخاء في مناطق الفقر، ومن الامل في قلوب فقدت الامل، ومن المعنى في ذوات شباب فقدوا معنى حياتهم وتخطفتهم المهالك من كل جانب….مثل هذه الجدر تنبع وتصمد، اما الإرهاب كفكرة فهو لا يمنعه جدار، وكتنظيم فهو ليس حيوانا بريا تحفرون له حفرة فيقع فيها او جيش نظامي كلاسييكي تحفرون له الخنادق وتنصبون في وجهه المدافع والبنادق…اسمعوا فقد قلنا لكم ما ينفعكم وينفع الناس، وككل مرة نستشرف الأمور فتكون كما نقول لأننا بنينا على بينة ولان العدو حريص ولانكم لا تسمعون ولا تمضون للوقاية بل تسارعون بعد الكارثة تعزلون هذا وتببرون وتتنافسون في أعقم الحلول وأكثرها استعراضا وبهرجة…اسمعوا فلولا الوطن والله ما كلمتكم ولا نظرت اليكم لأنكم زدتوني قناعة كل مرة بلعنة السياسة وبمقت كراسيها واحابيلها وحيلها….اسمعوا ففي كل مرة افقد الامل فيكم اكثر..واتشبث باستار اللطف…ورغم ذلك سنستمر في النصح والتحليل والاستشراف والتحذير وفي الدفاع عن الوطن…هذا امر لا يمكنكم منعنا منه…ولو امتنعتم عن سماعنا.



عن التقدمية


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*


*


الترويع،-التجويع،-التطويع-قراءة-في-اس

الرئيسية » آخر خبر » (الترويع، التجويع، التطويع) قراءة في استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك. بقلم مازن الشريف

(الترويع، التجويع، التطويع) قراءة في استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك. بقلم مازن الشريف

في آخر خبر, كتاب التقدمية

27 يوليو 2015
0
866 زيارة

مازن الشريف(الترويع، التجويع، التطويع)
قراءة في استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك

تذكرون ربما نظريتي الثلاثية: (التنظير، التكفير، التفجير)، والتي بنيتها سنة 2008 وبينتها مرارا في الإعلام وأثبتت الأيام والأحداث مدى عمقها وصدقيّتها وذكرها الإعلام كثيرا وارتبط مصطلح التكفير بالتفجير وتم الكلام عن الانتقال للمرحلة الثالثة على ألسنة كثيرة من سياسيين وسواهم وفي مواقع كثيرة منها ما يحمل اسم مواجهة الإرهاب والتفكير والتفجير ويخصص حيزا كبيرا لمهاجمتي ضمن مفارقات مضحكة مبكية. ونظرية (التنظير، التكفير، التفجير)، شأنها شأن مصطلح الأمن العقائدي أو الإرهاب الانتقامي وغير ذلك مما ابتكرت كثيرا ما يتم استخدامها من قبل الإعلام أو بعض الخبراء دون الرجوع لصاحب النظرية أو مبتكر المصطلح.
ضمن تطوير الفهم ومحاولة بناء نظريات يمكن تطبيقها على الواقع وتوفر خلاصات تقرب من فهم أعمق وأدق ونظر أقرب وأعمق، فإني أشير إلى نظرية أخرى قمت ببنائها منذ أشهر وفسرت بعض معانيها في أحد البرامج التلفزية وبعض المقالات، ولكني لم أفصلها منهجيا وهو مقصد ما سأكتبه هنا:
أود أن أشير بداية إلى أن ما أقوله هو نظر بشري قابل للنقد والتطوير، ومحاولة صادقة وجادة للفهم والغوص في المعنى والمبنى مما يعني مقارنات مع ما مضى ومقاربات للواقع واستشرافات للمستقبل، وشأن التنظير والتكفير والتفجير فإن هذه النظرية الجديدة تحمل تقسيما تراتبيا، في حين حملت نظريتي العامة (التفكير، التنوير، التزوير، التعهير، التكفير، التدمير، التفجير، التبرير، التحرير…) التي نشرتها من قبل وضمنتها في كتابي رحلة في عقل إرهابي تقسيما نوعيا تندرج فيه تقسيمات تراتبية أو علاقات سبب بنتيجة أو ترابطات تفاعلية.
ثانيا فإن منهجي في تفسير هذه النظرية سيعتمد بداية على خلاصات يتم التوسع فيها في مقالات ودراسات أخرى مع إعطاء النماذج والأدلة من التاريخ والواقع لأن تحقق هذه النظرية كبير في مستوى الاستراتيجيا وحتى في الفن الحربي، وإن لكل مصطلح أيقونات دلالية ترتبط به وتفاعلات تؤدي إليه وتصله بما بعده وترابطات منهجية تربطه بالواقع القديم والآني واللاحق.
إن الترويع والتجويع والتطويع، والذي يكون ضمنه التطبيع أي قبول الأمر كواقع طبيعي والخضوع له أو حتى التطبيع مع الكيان الصهيوني، هو تمشي تبينت حقيقته من خلال دراسات كثيرة ونظر وتأمل في الواقع أيضا، وقد كانت الألفاظ العربية التي اخترتها دوالا على مدلولات منطقية قصدتها يمكن التعبير عنها بدوال أخرى، كما تم التعبير عن مدلول نظريتي التنظير التكفير التفجير بالاستقطاب والانتزاع والتجنيد وهي دوال تصل إلى نفس المؤدى رغم اختلاف التمشي والمصطلح.
1/الترويع: الترويع لغة مصدر رَوَّعَ، روَّع فلانًا : أراعه ، أفزعه ، أخافه. فهو بث للخوف والهلع والرعب عبر استراتيجيات خاصة بذلك يكون الإرهاب بمخلتف أشكاله وتطبيقاته أحد أهمها وأقواها، وهنا نجد حرص داعش على تصوير جرائم الذبح وقطع الرؤوس وأشكال الإعدام المختلفة لمزيد الترويع والتخويف. وحين ننظر في التاريخ نجد أن الحروب تقوم على الجانب الترويعي، لبث الهلع في صفوف الخصوم، ولنا نماذج كثيرة جدا عن ذلك، ويكون التنكيل بمن يتم القبض عليهم من جنود العدو جزءا من ذلك، ومن أهم من استخدموا استراتيجيات الترويع نجد التتار والمغول الذين كانوا يبيدون مدنا بكاملها وينكلون بأهلها بأشنع الطرق حتى تصاب بقية المدن بالرعب وتستسلم. وبث الرعب والخوف علم كامل في فنون الدفاع تكون الصيحة Kiai جزءا منها والأمر شبيه بما تصدره الحيوانات من صيحات لبث الخوف في خصومها….وللترويع طرق كثيرة تهدف إلى الدفاع وبث الخوف من الهجوم مما يسمى حديثا بتوازن الرعب، أو تحطيم معنويات الخصم سواء كان جيشا أو بلادا أو حتى أمة. ولعل في مصطلح الإرهاب جانب من الترويع لأن أرهب يعني مما يعنيه روّع وخوّف وأفزع.
2/التجويع: تقوم الدول والمجتمعات وحتى القبائل والأسر على عنصر أساسي هو ضمانة من ضمانات الوجود البشري، ومقوّم أساسي لتكوين المجتمعات، ألا وهو الغذاء، فحين يتم توفيره فذلك يعني الاستمرار، وحين يندر فذلك يعني الفوضى، وحين ينعدم فذلك يعني الاندثار، وقد شهد العالم في الفترة المعاصرة مجاعات كبيرة أدت لموت الملايين مثل ما حدث في الصومال وإثيوبيا وما يحدث إلى اليوم في أرجاء إفريقيا كدارفور، وقد شهدت البشرية مجاعات رهيبة مثل المجاعة التي ضربت في الصين بين سنتي 1958 و1961 وسميت بمجاعة الصين الكبرى وقُدّر عدد ضحاياها بين 20 و 43 مليون إنسان …وهنالك مخاوف من كثرة المجاعات مستقبلا بسبب الانحباس الحراري وامتداد التصحر وندرة المياه والزيادة السكانية والحروب الأهلية وسوء الاستغلال القصدي من الدول والأنظمة والمنظومات التي تسلب الشعوب ثرواتها وتتركها للجوع والموت. ويعتبر التجويع أحد الأسلحة الفتاكة التي اعتمدتها الجيوش في حروبها فليس حصار المدن سوى تجويع لأهلها وقد يستمر لسنوات ومن أطول ما شهدت الحروب والمدن من حصار نجد حصار نبوخذ نصر البابلي لمدينة صور الكنعانية سنة 685 ق م ودام 13 سنة. وقد تم تطوير منظومات الحصار إلى أنواع العقوبات الدولية والحظر الجوي وغيرها ومن أقسى وأطول أشكال الحصار في الفترة المعاصرة الحصار الدولي على العراق والذي نتج عن القرار الأممي الذي نتج عن قرار الأمم المتحدة رقم 661، وقد دام أيضا – ربما لسخرية التاريخ – 13 سنة (من 1990 تاريخ غزو الكويت إلى 2003 تاريخ سقوط بغداد) أي نفس الفترة التي حاصر بها نبوخذ نصر العراقي صور الكنعانية والذي حاصر القدس أيضا وحطم دولة إسرائيل الأولى. وكان حصارا كارثيا تسبب في تدمير العراق وموت أعداد كبيرة جدا من أبناء الشعب العراقي.
3/ التطويع: طوّع مبالغة في طاع، وفرسٌ طَوْع العِنان : سهل منقاد ، فلانٌ طوْع القياد : لا رأي له ، إمَّعة. وهو طوع يديك / هو طوع يمينك : يفعل ما تأمره به ، منقاد لك. هكذا ورد المعنى المعجمي وكذا قالت العرب ضمن التطويع والطوع والطاعة. وإن الحر ليأنف من مثل هذا الخضوع والانقياد، ومن أجود الشعر في هذا قول الإمام علي:
ولست بإمعة في الرجال أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدره الأصغـرين جلاّب خير وفراج شر
ويحمل التطويع هنا معاني قوة وسيطرة كبيرة للمطوِّع (الفاعل) ومعاني ذل وخنوع كبيرة للمطوّع (المفعول به) وهو أمر أنفته نفس العربي وأبته فروسيته أكثر من أي شعب آخر في العالم، وقد قال فارس العرب وشاعرها عنترة بن شداد في بيت من أشهر أبيات الشعر العربي:
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ = بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ.
4/ استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك: عندما يتم اعتماد منهج ترويعي تجويعي، يكون القصد منه الاخضاع والتطويع والإرغام، ويكون من أثر ذلك الاستسلام أو الفرار أو الاستعمار والسلب والنهب وانتهاك المقدسات والاعراض والقتل وصولا للمحو الكلي ونماذج هذا لا تحصى.
إن القرآن الكريم الذي حوى عيون الحكمة وأروعها وحقائق الخبر وأصدقها، وردت فيه سورة يمن الله فيها على قريش ويقول الله سبحانه وتعالى فيها: ” لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(4)”. فإن ألفتهم بالسفر وعدم خوفهم وعدم جراءة القبائل عليهم من نعم الله ومن بركات بيته الحرام والله أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، ويبدو جليا أن عنصري التجويع والترويع حاضران ضمن النفي الذي يثبت وجوده خارج أطر النفي نفسه وهو مخصوص بعوامل حددها الله هنا في وجود البيت الحرام ومنعته، وهو ما حددته الدول والقبائل من أجل أن تكون وأن تستمر، فدولة أو قبيلة لا يُطعم الناس فيها من جوع ولا يأمنون من خوف هي منهارة لا محالة ولا يمكن العيش فيها إلا بذلة لمن امتلك الغذاء الكافي والقوة المؤمّنة. وهنا تجد أن القبائل العربية تعتمد الغزو لطريقة من طرق تأمين الطعام فتعمد إلى ترويع القبائل الضعيفة والتي بخضوعها وتطويعها تدفع للقبيلة المهمينة، وكذلك شأن الدول أيضا، وضمن هذا ترد مصطلحات الأمن القومي والأمن الغذائي والمناعة والوقاية والتصدي والقوة العسكرية وكل مفاهيم الأمن بمعناه المحدد والشامل وكل مقومات الاقتصاد….
إن الترابط بين البعد الأمني والبعد الاقتصادي كبير جدا، فكم حربا قامت من أجل وجود أزمة اقتصادية أو من أجل فرض الهيمنة والقوة وهنا نجد الاستعمار وهو من سبل الهيمنة ونهب الثروات بل الحرب العالمية الثانية نفسها كان من أسبابها الأزمة الاقتصادية العالمية والتي بدأت بما سمي يوم الخميس الأسود يوم 24 أكتوبر 1929 وهو انهيار بورصة وول ستريت، ولا يخفى وجود أزمة وول ستريت ثانية بدأت سنة 2011 وهي سنة اندلاع ما سمي بالربيع العربي وهنا يكون مجال سؤال عن حقيقة ما يجري في العالم العربي وفي العالم اليوم وإمكانات وقوع حرب كبرى قادمة..
إن منهج الترويع والتجويع بسكل قصدي يهدف في النهاية إلى التطويع الكلي، وهنا يكون الترويع مفعّلا للاختراق وهو ما يمنح قدرة نفاذ كبيرة كما يفعل تخويف الخصم في فنون الدفاع من اختراق لنفسه ومناعته الذاتية وطاقته الحيوية فتجد المرتعب خائر القوى عاجزا عن الحركة كما تفعل الصيحة التي يطلقها معلم فنون دفاع متمكن.
أما التجويع فهو مما يبث الانهيار والعجز ويسهل الهزيمة فلا يمكن لجيش جائع أو شعب به مجاعة أن ينتصر، وإن الشعوب والدول الخاضعة اقتصادية هي شعوب ودول مهزومة بلا أدنى شك.
أما التطويع فهو نتيجة حتمية لكل ذلك: فبعد ترويع ينتج عنه اختراق وتحطم للمناعة، وبعد تجويع ينتج عنه انهزام وتحطيم للقدرة، يكون التطويع الذي ينتج عنه تملّك الخصم لمصير المغلوب وامتلاكه لأرضه وثرواته عبر استعمار قديم او عبر منظومات الاستعمار الحديثة التي تتم بالوكالة عبر العملاء واللصوص الكبار وهي تجربة ما قبل الربيع العربي في عديد الدول العربية أو عبر مؤسسات الإرهاب الدولية وفروعها كداعش والقاعدة….
أما التطبيع كلاحقة لما بنيناه وبيناه فيعني أن يصبح الذل طبيعيا والجوع طبيعيا ووقوع كارثة أو عملية إرهابية كبيرة طبيعيا واستعمار الأرض ونهبها وانتهاك العرض طبيعيا جدا، وليست الأمة بغريبة عن هذا الحال في واقعها المتردي، فقتل محمد الدرة أو مجازر قانا وما يجري من علميات إرهابية في العراق وسوريا وانتهاك القدس مرارا والاستيطان وغيره تم التطبيع معه كما تم التطبيع مع مشاهد أخرى كثيرة وهنالك محاولات للتطبيع مع الانهيار القيمي بشكل أعنف من السابق وخاصة مسألة الشذوذ وهو عمل ممنهج دولي.
وللتطبيع معنى يرتبط بدولة الصهاينة والتي لها دور محوري في كل ما يجري عبر عملائها ووكلائها ضمن تطوير تحدث عنه من قبل أحد قادة جيشها أي أن يتم تجاوز المعارك الضدية المباشرة بعد تجربة حرب تموز 2006 القاسية إلى حرب داخلية يكون القاتل والمقتول فيها من نفس الأمة ويتم تدمير الوطن العربي بأيدي أبنائه عبر منظومة شرحت أبعادا كثيرة منها في دراسات كثيرة وخاصة في كتابي رحلة في عقل إرهابي وكتابي بصيرة عقل.
إن العلاقة بين الترويع والتجويع ليست بالضرورة تراتبية كما هو الأمر في التنظير والتكفير، أي يمكن أن يبق الترويع التجويع أو التجويع التطبيع أو يتزامنا معا، ولكني أرى أن المرحلة الحالية للعالم العربي يكون فيها الترويع أولا عبر الإرهاب ثم التجويع عبر الانهيار الاقتصادي الناتج عن الإرهاب والخراب ويمكن النظر للشعب السوري واعداد اللاجئين وهي بالملايين والتجويع الممنهج له بعد الفرار من المدن نتيجة الحرب والإرهاب. وكذلك فيما يخص تونس تم اعتماد هذا المنهج فالقتل الإرهابي ممنهج بدقة وهو في عمليتي باردو وسوسة هدف إلى قتل السياح مما يعني ضرب السياحة والاقتصاد وهنالك أعداد كبيرة من الأسر فقد مورد رزقها المتأتي من السياحة والدولة كلها سوف تعاني من آثار ذلك والشعب بأكمله سوف يتأثر. وربما يكون منهج التجويع متجسدا في السرقات والتعيينات العشوائية مما يجعل التمويل الكبير للجمعيات التي تخدم الإرهاب ذا جدوى في استقطاب الشباب وفي اختراق المجتمع واستغلال الحالات الاجتماعية المعوزة….وقد كنت استشرفت هذه الأبعاد في دراسات سابقة، وإن نشر الفوضى واستغلال الظروف الحياتية الصعبة للمناطق المهمشة مما يخدم مثل هذه الاستراتيجيات ويقوي الاختراق والشعور بالهزيمة والإحباط الكامل.
بعد كل هذا التمشي سيكون التطويع: فداعش ليست سوى وسيلة تطويع، فهي وسيلة لنهب الثروات، إذ تبيع داعش النفط العراقي والليبي بأسعار متدنية جدا (بين 10 و 13 دولار للبرميل وفق بعض المعطيات) بخلاف تجارتها بالآثار السورية والعراقية وصولا للمخدرات وبيع الأعضاء البشرية وتجارة الأسلحة والتهريب. وكذلك سوف تكون داعش وسيلة للتدخل العسكري في ليبيا مثلا مما ييسر نهب ثرواته الكبرى التي بينت بعضا منها في دراستي: ليبيا بين مطرقة الإرهاب وسندان الأطماع الدولية ونشرتها ضمن كتابي رحلة في عقل إرهابي. وسيكون لهذا التنظيم الإرهابي تطويعات كثيرة وقيمة استراتيجية كبرى في الاختراق والهزيمة والتملك في العراق وفي سوريا وفي كل مكان يضربه وليس عبثا أن يضرب في مالي والصومال ونيجيريا ومصر والعراق والشام والكويت والسعودية وتونس والجزائر وحتى في فرنسا وروسيا والصين قبل ذلك (عمليتي فولغوغراد وكومينغ)، وهو ما يبين اتساع المشروع وقوته التي فاقت قوة مشروع القاعدة رغم ضرباته الدولية (عمليات مومباي سنة 2008 وتفجيرات مدريد سنة 2004 وعملية 11 سبتمر 2001 في الولايات المتحدة وفق الرواية الرسمية وغيرها..)
أما ما يخص تونس فبعد عملية سوسة المدمرة اقتصاديا والمروعة فعليا فها نحن نسمع عن مشروع قاعدة عسكرية أمريكية وفك ارتباط مع الجزائر، فإن لم يكن هذا تطويعا فماذا يكون؟
وإن كانت هذه الاستراتيجية ستتم في البلاد التونسية فذلك يعني ضربات أعنف، وهو ما تجده في مقالي: كشف الأوراق الأخيرة.
إن خلاصة ما أردت قوله أن الإرهاب الذي يضرب الوطني العربي اليوم ليس مجرد عمل عشوائي بل خلفه استراتيجيات وله أهداف قريبة وبعيدة وتحركه مخابرات ودول ويتربط بالثروات وبمسائل كثيرة جدا، ووهو يمضي ليصبح خطرا على العالم كله، والذين يصفقون اليوم للربيع العربي وأمجاده في سوريا واليمن وليبيا ويحصدون فاكهة ذلك فاكهين ويشعرون بلذة الانتصار، هم كالحمقى الذين صفقوا لهتلر ورقصوا طربا لكتابه (كفاحي) ولخطاباته المؤثرة حتى جلب لهم وللعالم الخراب والموت، رغم أني على يقين أنه مثل الإرهاب الذي يضرب اليوم: كان بيدقا تحركه أياد حرصت على أن تبقى في الظل دائما، ولم تلحظهم عين التاريخ.

سوسة
‏21‏-07‏-2015‏ 20:24:44



عن التقدمية


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*


*


نظريّة-بناء-الوهم-بقم-مازن-الشريف

الرئيسية » آخر خبر » نظريّة (بناء الوهم). بقلم مازن الشريف

نظريّة (بناء الوهم). بقلم مازن الشريف

في آخر خبر, دراسات, كتاب التقدمية

12 أغسطس 2015
تعليق واحد
1,061 زيارة

مازن الشريفنظريّة (بناء الوهم)

سنة 2007 أنهيت تأليف كتاب “البرهان” رغم أني عكفت في السنين الموالية ولم أزل على الإضافة والتعديل والتطوير، وضمن هذا العمل الموسوعي في العلم والقرآن خصصت فصلا للوهم، وقسّمته إلى ثلاثة أقسام:
1/ الوهم حقيقة.
2/ الحقيقة التي تُتّخذ وهما.
3/ الوهم الذي يُتّخذ حقيقة.
وحين نُنزّل هذا على المنحى الديني مثلا، فإن الاعتقاد بوجود خالق غير الله، وأن الوجود محض مصادفة، هو (وهم خالص)، والمعتقد فيه يرى ذلك الوهم حقيقة فيتخذ الأصنام والأفلاك أربابا أو يتكلّم عن أن الخلق تطوّر ومصادفة من مجرّد العدم دون خالق مدبّر، في حين يبدو له الإيمان بالله الواحد البارئ مجرّد وهم وهو حقيقة خالصة.
وقد كان لدخولي عالم فنون الننجا شينوبي وعلوم الطاقة والتنويم المغناطيسي دور كبير في اكتشاف فنون الوهم والإيهام والتنويم والتخاطر والإيحاء، كما أن دراساتي عن صنوف السحر – ما بينته في كتابي السرّ الحرام وأيضا في البرهان – أوصلتني لوجود نمط منهم يعتمد على الوهم – وهو نمط مستخدم في فنون الننجا أيضا ولئن كان بطرائق مختلفة. وهذا النمط هو ما أسميته “السّحر التخييلي، ومثاله في القرآن خبر النبي موسى عليه السلام مع سحرة فرعون: فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) – طه-.
فرؤية العصي والحبال تتحرك هو وهم بدا كأنه حقيقة وصّدقه النبي موسى وهو من هو: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) -طه- .
بل وأثّر ذلك في عيون الناس جميعا: ” فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)” – الأعراف-. وهو ما تجده اليوم في أمور عديدة فحالة الهياج والجنون التي تصيب الشباب في حفلات الميتاليكا مثلا والتي تندرج موسيقاها ضمن عبدة الشيطان هي نوع من الوهم القوي الذي يسحر عقول الناس ويسلب ألبابهم.
وطبيعي أن الذي يعتقد أن كل السحر هو ذلك التخييل والإيهام فقط يجهل حقيقة هذه الآفة المدمرة للحضارة والمنتشرة بشكل غير عادي في العالم العربي لفراغ في الروح ويأس من الواقع وعوامل أخرى كثيرة. وحين ننظر في سيرة هاري هوديني أمهر سحرة أمريكا، ومن كان بعده من المتأثرين به والذين فاقوه من أمثال دافيد كوبرفيلد ودافيد بلاين وصولا لكريس أنجل فإنهم جميعا يعرّفون أنفسهم على أنهم صانعوا وهم Illusionist. ودون تدقيق علمي فيما يقومون به والذي لا يخرج عن سحر الفودو والكابالا اليهودي (ينخرط فيه عدد كبير من مشاهير العالم وسياسييه) وما بعده من فنون السحر الأسود، ودون مناقشة لما يقدّمونه في برامج أخرى تتبعهم من تبريرات يودون من خلالها إقناع الناس أن ما يقومون به نوع من الخدع البصرية حتى لو كان إخفاء تمثال الحرية وإخفاء قطار كامل والعبور من خلال سور الصين – كما فعل دافيد كوبرفيلد. أو إلقاء منديل من فوق بناية وبلوغ الأرض قبله والطيران في الهواء والمشي فوق الماء كما فعل كريس أنجل وفعل سواه من السحرة الذين تكاثروا بشكل كبير في كامل أرجاء العالم وغزوا الشاشات التلفزيونية وأتوا بكل عجيب غريب، دون أن ننفي وجود الخدع البصرية وفنون الوهم ضمن حدود طبعا، أما ما تجاوز ذلك فهو سحر فعلي له منطلقاته وتفسيراته وليس هذا سياقها.
وعن الوهم المتصل بالسحر والسحر الموصول بالوهم وما يتجاوزه ظهرت أفلام كثيرة من أشهرها فلم The Illusionist وسلسلة أفلام هاري بوتر الشهيرة….
تحت هذا الإطار يكون المنطلق لدخول عوالم الوهم، ولكن للوهم أطر أخرى أكبر وأعمق وأخطر، إذ أن الوهم – تلك القوة الغامضة التي تختفي خلف ظلال الخيال ولكن قد تتلبّس كل أشكال الواقع، له حضور مكثف في حياة البشر – حياتنا التي تعشش فيها الأوهام من حيث نعلم ومن حيث لا نعلم. والوهم يفرض نفسه علينا حينا، وأحيانا نحن نستدعيه، وللوهم ملذّاته الكبيرة، وله قدرة على إخراج العاجز من عجزه بمنحه وهم القوة، والخاسر بمنحه وهم الانتصار…وغير هذا كثير…وهذا منطلق لسؤال بسيط التركيب معقد المعنى خطير المؤدّى: هل يمكن لمن فهم الوهم وطبيعته ودوره في حياة البشر أن يتحكّم فيه ويبنيه ليسجن من أراد ضمنه ؟
إن الناظر للتاريخ يرى كيف أدارت أيدي الماكرين كؤوس الأوهام بين دهماء الناس حتى أمسوا سكارى بالوهم لا يستيقظون لحقيقة ولا يلتفتون لحق، أو ربما مزجوا حقا بباطل وحقيقة بوهم. ومن خلال ما تمكن الإنسان المعاصر من فهمه عن الإنسان وعقله وإمكانات برمجته، مما نتج عنه علوم كثيرة كعلم البرمجة العصبية اللغوية وعلوم باراسيكولوجيا النفس والعقل التي عكفت مخابرات الولايات المتحدة ومخابرات الاتحاد السوفييتي على الغوص فيها في سباق قوي لغزو أعماق العقل الباطن والتحكم فيها.
حين تمعن النظر جيدا في ما يحيط بك سوف تتمكن من رؤية الكثير من الأوهام الماثلة أمامك، خذ الإشهار مثلا: فهو إيهام وإيحاء وتنويم ذكي يوحي بصورة ليست بالضرورة حقيقية وواقعية، وتُدمج المرأة بأنوثتها وجمالها في ذلك حتى يكون التأثير أكبر حتى لو كان للإشهار لدبابة مما تراه في معارض الأسلحة حيث تقف الفتاة شبه عارية تبتسم فوق دبابة تحمل الموت بكل بشاعته الطاغية. وحتى السينما والمسلسلات فلها أثر كبير على العقول وعلى الناس فتتحكم في أذواقهم ويكون خلف المسلسل الناجح ملابس وأكلات ومحلات تفتح حاملة اسم البطل أو المسلسل وليس بعيدا عنكم نموذج “حريم السلطان” الذي حملت صوره واسمه محلات ملابس كثيرة وصارت مصانع تنتج ملابس من شاكلة الموجود في المسلسل أو تستوردها من تركيا بل بلغ الأثر على الفن والغناء وغيره. أو مسلسل كاسندرا المكسيكي وأثره الكبير على الناس حتى كان كل شيء يتعطل تقريبا عند بثّه ويقف الناس مشدوهين بكيهم مشهد ويضحكهم آخر ويتفاعلون مع الأمر كأنه حقيقة ماثلة.
وبالرجوع لمسلسل حريم السلطان فمشهد قتل الأمير مصطفى أبكى ملايين العيون عبر العالم، لكن مصطفى الحقيقي لم يبك عليه أحد، وقد كنت كتبت من قبل عن الأعين التي تبكي على بطل المسلسل ولا تبكي على آلاف القتلى في الشام والعراق وغيرهما…وهنا يكون استبدال الواقع الفعلي بواقع وهمي أمرا ظاهرا جليا. وكل ذلك يكون ضمن ما أسميته: نظرية بناء الوهم.
لا يختصر الأمر عند هذا الحد، فكل شيء تداخل معه الوهم: المواقع الافتراضية التي سيطرت على العقول والقلوب، وقد تم تصنيف مرض نفسي جديد هو الهوس بالانترنت، بعد أن مات شاب صيني لأنه مكث يومين في موقع يعطي حياة افتراضية بكل تفاصيلها، وهذا النوع من الاستلاب تجده أيضا في ألعاب الفيديو، فالطفل يجري ويقاتل ويبني داخل اللعبة، ويكون عادة خاملا قليل الحركة، ويجد الشجاعة في العالم الافتراضي وهو يخاف من القطة في الحقيقة، وقد سبب الإدمان على هذه الألعاب مع بعض أنواع الصور المتحركة المبرمجة بأصوات مركّبة وصور مشوّهة وحادة الخطوط يُقصد منها إتلاف نفس الطفل خدمة لمشروع معيّن، سبب ذلك انتشار أمراض التوحّد والسمنة والضمور الحركي أو الافراط الحركي وهذا باب لعلم الطاقة الحيوية والعلاج الطاقي والمغناطيسيات – منها التنويم المغناطيسي – وبحوثي فيه التي قادتني عبر تجارب العلاج الكثيرة وخاصة لبعض الأطفال إلى اكتشاف حقائق مرعبة حول تلك البرمجيات وأعتقد أن جيل الدواعش اليوم تلقى ضمن ما تلقاه جرعات من تلك البرمجة الدقيقة الماكرة. وأنت تجد ألعاب قتل يقتل فيها الشاب في مدينة بغداد مثلا بدم بارد وهو يبتسم لقتل نفسه وأشقائه، وقد برمجت داعش ألعابا شبيهة فيها مثلا عملية إرهابية في الشاطئ تم تطبيقها حرفيا في عملية سوسة الإرهابية.
وإن خطورة تلك المقدرات الوهمية تقع ضمن قاعدة بينتها في بحثي عن الوهم ضمن البرهان: (القادر في عالم الوهم عاجز في عالم الحقيقة). فالكذاب يمكنه فعل كل شيء بوهمه وهو أعجز عن فعل شيء في الواقع، وألعاب الفيديو تمنح الطفل والشاب قدرات وهمية معاكسة لواقعه، وببعض البرمجة يمكن أخذه إلى حتفه بسهولة.
لنرجع إلى المسلسلات والبرمجة ضمن نظرية بناء الوهم: مسلسل عمر تحديدا، وهو في اعتقادي من أخطر المسلسلات رغم أن الأمر كانت له مقدمات مقصودة وأخرى عفوية في مسلسلات كثيرة سابقة له.
ضمن هذا المسلسل تم تجسيد الصحابة جميعا، وثمة مشهد حللته وفق منهج علمي ووفق علم تحليل الصورة والتفكيك البرمجي للحركة المشهدية وغاياتها، وهو مشهد قتل خالد بن الوليد – المزيّف- لمسيلمة وضربه بالسيف مع التكبير ثم الدم المتناثر على لحيته، ومظاهر السرور على وجوه الصحابة – المزيفين- ويمكن أن يلاحظ صاحب النظر أن تلك الملابس هي ذاتها التي يلبسها قادة من داعش، وحين يقومون بذبح وقطع رأس جندي سوري مثلا يتردد التكبير وتعم البهجة من حوله، بل بلغ الأمر لقيام طفل بذلك، لأنه يقتل مسيلمة آخر، وينفّذ امر الله، يقتل كأنه يقوم بلعبة فيديو، ويبعث السرور في قلب الصحابة الجدد من حوله.
لنقم بنظرة بسيطة: خالد بن الوليد المزيف بطل المسلسل يلبس لباسا ويتكلم بكلام ويقتل مسيلمة المزيف، يأتي قائد من النصرة ويكوّن كتبية خالد بن الوليد، ويرتدي زيّا شبيها بخالد بن الوليد المزيّف في المسلسل، ويرى في باطنه أنه خالد بن الوليد الجديد وأنه سيف الله المسلول الثاني، ولكنّه يمضي ويفجّر مقام خالد بن الوليد الحقيقي في حمص تحت وابل من التكبير والتهليل والابتهاج لتحطيم الوثن، ولو كان خالد الحقيقي بينهم وكلّمهم لقتلوه..وهنا وجه من أعقد وأقوى أوجه نظرية بناء الوهم..وطبيعي أن ذلك مدعوم بالوهم العقائدي والإيهام الوظيفي أي يوهمه أن وظيفته هي أن يكون على خطى النبي وأصحابه وأن ينشر كلمة التوحيد ويحمل راية الخلافة ويقتل أعداء الله وينال الجنة وآلاف الحوريات دفعة واحدة. ثم لا ننسى برمجيات أخرى أعقد وصولا للمخدرات وحبوب الكابتاغون الشهيرة. والتي تبني الوهم بقوة حيث تنزع الخوف والألم وتمنح قوة وهمية فتاكة بصاحبها ومن حوله، ومثلا الرزقي مرتكب مجزرة سوسة كان يقتل وهو في نشوة كاملة، إنه اكتمال لبناء الوهم الذي يصبح أحق الحقائق ومن المحال إخراج الضحية منه إلا بقتله الذي يسعى إليه ويطلبه إن لم يفخخ جسده ويفجّره.
وهكذا يمكن القياس: طبيعة الحياة الوهمية وما فيها من تقاعس أو تكالب على الشهوات والمال والسلطان، وجموع المأدلجين والمدمغجين الذين يمكن أن يحرق أوطانهم لأجل كلمات دجال يعدهم ببلوغ الحرية واستعادة الحق وبالنماء والرخاء…وهنا ألا يكون الربيع العربي وهما كبيرا سقط فيه الملايين وخربوا أوطانهم بأيديهم؟ أليس ضحايا الوهم من الشباب العربي بالآلاف قاتلين إرهابيين أو مقتولين ضمن الإرهاب أو بيد الإرهاب والفوضى؟؟
حدثني صديق لي أنه وجد جدّته تصلي باكية في أحد ليالي رمضان، قال فظننتها تسأل الله الجنة، او تفتقد أحبابها الذين فارقوا الدنيا، أو تبكي لهم أصابها، فسألتها: لماذا كنت تبكين وماذا كنت تطلبين من الله، فأجابته والدموع في عينيها: كنت أدعو ربي أن يجمع بين “مهنّد” و”ونور”…أجل أيها السادة الكرام: إنهما بطلا المسلسل التركي وقد تسببا في مئات حالات الطلاق لرجال غلب زوجاتهم عشق مهنّد…
ضمن نظرية بناء الوهم أمور كثيرة متصلة في شبكة معقدة في ظاهرها لكن يمكن لمن دقق النظر وكان ذا بصيرة أن يفكّكها، ولابد أن نفهم قيمة الإعلام السيء في بناء هذا الوهم، إذ أنه يمتلك ما لم يكن سحرة فرعون يحلمون به أو يتصوّرون وجوده: قدرة فائقة على سلب العقول وسحر الأذهان وتخديرها والتأثير في الأنفس والقلوب والتلاعب بالذوات والحقائق وتلميع الباطل وتنشيع الحق وتزيين الباطل وتزييف الحق. وأقرب النماذج شيوخ التكفير حين تكلموا عن الملائكة التي تتنزل على مخربي سوريا – الثوار والمجاهدين بزعمهم – وعن “الحور التي تنتظر من ينفر في سبيل الله”، وظلوا يبنون الأوهام ويخدّرون الشباب حتى سقط في حبائلهم الآلاف الذين مضوا لحتفهم في حين يدرس أبناء أولئك الشيوخ في أرقى جامعات أوروبا والولايات المتحدة. وشيوخ جهنم هؤلاء مكثوا يعملون سنينا عبر شاشات معروفة حتى غرسوا أشواكهم السامة عميقا في عقول الشباب الباحث عما يملأ به خواءه الروحي وجهله العقائدي، وهي أشواك تتخذ شكل أجمل الزهور وأرقها، إنه السم الزعاف في العسل المصفى، تقنية فريدة في بناء الوهم.
وهنالك كتب تساهم في تلك الدمغجة وبناء جدران الوهم، وللكتاب خطورة كبرى لأنه ينفذ إلى أعماق الذات في حال من الهدوء والصمت الذي تفرضه القراءة، وعليه وجب الانتباه للكتب لأن كتابا جيدا يمكن أن يبني إنسانا أما كتاب فاسد المحتوى فيمكن أن يخرّب مجتمعا كاملا. فالكتاب أقوى منوّم مغناطيسي.
وبالرجوع للتنويم المغناطيسي والسحر التخييلي وسحرة فرعون، أذكر أني في سنيّ الجامعة قد قرأت كتابا رائعا اسمه Traité sur l’hypnotisme بيّن فيه كاتبه حضور الإيحاء التنويمي المكثف في حياة الناس وأعطى نموذج تأثير هتلر وموسوليني على أتباعهم وجنودهم بقوة تنويم رهيبة ومقدرة عالية على تخدير العقول تجاوزت فعل سحرة فرعون، لدرجة تصل إلى الموت المتفاني، وإلى حرب عالمية هددت الوجود البشري برمّته وأودت بحياة خمسين مليون إنسان بخلاف الجرحى والمشردين وخراب دول بأكملها، وما يجري اليوم يمضي ضمن نفس النسق ولكن ببرمجيات أكثر تعقيدا وهو حريق قد يوصل لحرب عالمية ثالثة أو لظهور تنظيمات إرهابية تهدد العالم كله وتكون داعش حلقة ارتكاز مهمة لها وهي تهدد فعليا وحاليا الوجود العربي حاضرا وتاريخا ومستقبلا (ليس تحطيم متحف الموصل ومدينة نمرود وغيرها مجرد تسلية)…
هذا قد يكشف لك بعض وجوه “قوة الوهم” المدمرة التي تغسل العقول وتسيطر على الأنفس، وهنالك صنوف أخرى من بينها ما يتعلق بعبدة الشيطان، وليست عبادة الشيطان أمرا جديدا في التاريخ البشري بل له جذور عميقة جدا، ولكنه شهد تطويرا كبيرا مثّله الأمريكي Anton LaVey صاحب كتاب الإنجيل الأسود أو الإنجيل الشيطاني الذي ألفه سنة 1969 وكان موسيقيا وله ترجع أنماط موسيقى الشيطان وهو مؤسس جماعة عبدة الشيطان التي ينتمي إليها عدد كبير من الشخصيات المشهورة في العالم من أمثال المغنية مادونا ولها أغنية في خلفيتها تمجيد للشيطان ضمن تصميم موسيقي معقد، ويتخذ أصحابها هيئة محددة ولهم طقوس يقومون بها وهذا ضرب في الشباب العربي بقوة ولهم أماكن يلتقون فيها وملابس وهيئة مخصوصة ووجودهم في تونس مثلا أو في مصر كبير (لأني درست ذلك في هذين البلدين) ويستمعون لموسيقى خاصة وينتشر بينهم الشذوذ والجنس المجماعي وشرب الدم – دم القطط السوداء تحديدا – رغم وجود نماذج تم إيقافها في العالم مارست شرب الدم البشري وطقوسا أخرى تتعلق بالموت أترفّع عن ذكرها لسوئها وحقارتها. فحضور الوهم لديهم حضور قوي وفتاك، ولعل القارئ يذكر جيم جونس القريب من عبدة الشيطان، ومعبده في مزرعة “جونز تاون Jonestown ” التي كانت مركزا لطائفة دينية غريبة الأطوار عرفت باسم “كنيسة الشّعب Peoples Temple ” حيث قام تسعمائة إنسان بالانتحار الجماعي بتاريخ 18 نوفمبر 1978،في أكبر عملية انتحار جماعية في التاريخ، فاجعة صدمت أمريكا والعالم ورسمت ملامح الحيرة والذهول، وكل هذا ضمن بناء الوهم والوقوع فيه مع الشيطنة والفساد العقائدي والطقوس الإبليسية والخضوع لحالات نوم مغناطيسي Transe عميقة لا يمكن مغادرتها وتكون الطريقة الوحيدة هي الموت، والعمليات الانتحارية للإرهابيين تندرج ضمن نفس الأطر.
فعبدة الشيطان هؤلاء احتياطي للإرهاب بمجرد غسيل مخ مضاد، واحتياطي للخراب والعبثية والعدم الوجودي، وهم في العالم العربي يزينون الأمر ويسمون أنفسهم بمعتنقي “الديانة الإبليسية الروحانية” ويقولون أن إبليس هو رب الجحيم، وفيهم فئة يقولون لا مشكل لنا مع الرب ولكن مع الديانات الابراهيمية لأنها ليست السبيل الوحيد إليه، فهم ليسوا ملاحدة ينكرون وجود الله كسواهم من الملاحدة وهم منتشرون أيضا، ولكن ملاحدة ينكرون الديانات. وكل ما بينت هنا يندرج ضمن توظيف الوهم واستخدامه والتلبيس به…وهم يؤمنون بالسحر ولهم سحرة مهرة وطلاسم يستخدمونها وقد حدثتني فتاة تعرضت لمحاولة تأثير في جلسة استحضار روحاني – مصطلح كاذب والأصل استحضار شيطاني حقيقي أو مجرد شعوذة وإيهام – سببت لها أزمة نفسية طويلة وحالات من الانهيار العصبي. وذات الأمر تم استخدامه من الوهابية عبر ما أسموه إفكا (الرقية الشرعية) – رغم أن الرقية حق ورسول الله رقى وبعض أصحابه – ولكن بصيغة وهمية وتلبيس على الشباب والفتيات خاصة، وهذا تم في المساجد (مما عاينت بعضه بنفسي) وفي صلوات الجمعة (ثمة فيديو تم ترويجه عن ذلك) وفي مصليات النساء ووصل لشاشات التلفزة وفيه حالات الصرع وما يدعون أنه كلام الجني على لسان البشري وخوفه وإعلانه الإسلام ، وكله يصب في سلة تتفيه الفكر وزرع الخزعبلات وغسيل الأدمغة وتحطيم الذات وتجهيز إرهابيين وارهابيات جدد. (ارجع لكتابي رحلة في عقل إرهابي بينت فيه الامر باقتضاب وان كان ما لدي من معطيات أكثر من ذلك بكثير).
ومسألة عبدة الشيطان وموسيقاهم تحملني مباشرة إلى آخر ابتكارات من يحرّكونهم، وأعني “المخدرات الافتراضية” القائمة على نوع من الذبذبة والألوان وهي فتّاكة تصيب بحالات صرع شبيهة بالمس وتحطم الشباب العربي ومنتشرة خاصة في لبنان وكل ذلك ضمن بناء الوهم والعمل به.
نظرية بناء الوهم نظرية خطيرة، وما ينقص هو العمل المضاد لها، العمل الذي يبين الحقائق ويوقف الأوهام أو يحد منها، حتى تنكشف الأباطيل وتتضح حبائل التضليل، لأن الأوهام كثيرة جدا ومحيطة بالناس من كل جانب خاصة في عالمنا العربي، وطبيعي أن هنالك أوهاما تصطبغ بصبغات جمالية ومغرية تنشر سمها أيضا بكثافة، مثل المثلية الجنسية التي رمزوا لها بتدرّج لوني جمالي ولها دعاة في كامل أرجاء العالم يتجمهرون ويجاهرون وتبيح لهم دول عديدة حق الزواج ويريدون مثل هذا في العالم العربي المسلم وتتعالى أصواتهم كل يوم أكثر ويتم بث إيحاءات كثيرة في برامج تلفزيونية وفي مسلسلات وأفلام عديدة بل تجاوزت الإيحاء إلى لقطات شذوذ مكثّفة وأذكر فلم حين ميسرة وفلم بدون رقابة حيث حضرت مشاهد سحاقية، وكذلك مسلسل حكايات تونسية الذي تم بثه في رمضان الماضي – موسم العهر لدى من يديرونه – حيث كان شاذ المشرف على بيت دعارة. وهذا الحضور يهدف لأمرين الأول التطبيع مع المشهد وقبوله اجتماعيا بالتدريج، أما الغاية الثانية فنشر تلك العدوى الفتاكة التي من خلفها انقطاع النسل واستشراء الفواحش وحلول اللعنات، وكل هذا ضمن برمجة متقنة وبناء للوهم حتى يحل مكان الواقع وهو أمر نجحوا فيه بشكل كبير ونسب الشذوذ في العالم العربي في تطوّر مستمر حتى في أكثر الدول محافظة، بالإضافة إلى مشاهد الخمر والحشيش والإدمان والاغتصاب والصياح والدم التي قل أن غابت عن مسلسل وفِلم خاصة في مصر وتونس. أما الدول الغربية فحدّث ولا حرج، وليس الأمر مقتصرا على المواقع الإباحية بل بلغ الطبقة الراقية من السينما الهوليودية وكله ضمن مخطط واحد يهدف إلى خلط ذلك الوهم بالواقع وفرضه بكل الطرق، وما تراه من عزوف عن الزواج ومن تهرّم مجتمعي في دول كثيرة مثل ألمانيا ينبئ بخطر كبير خلال العشرين والخمسين سنة القادمة بلغ وفق بعض الدراسات حد الاندثار بعد مئة سنة لمن كان مستوى نموّه يقل عن 0.12 بالمائة وهو موجود في دول أوربية كثيرة ويمثل لهم هاجسا خاصة مع النمو الديمغرافي الكبير للجالية الساكنة فيها وخصوصا المسلمة…
إن كلامي عن نظرية بناء الوهم ليس من باب الترف الفكري، بل لأنها حقيقة خطيرة تعمل في الجميع بدون استثناء وتنجح بنسب مختلفة: حتى السيجارة التي تدخنها تندرج ضمن ذلك، إنها تبني لك وهما وتجعلك تعيش ضمنه وأنت تخسر مالك وصحتك: إن ابتسمت دخّنت من الفرح، وإن كنت سعيدا دخنت بشراهة ونشوة، وإن حزنتَ كانت تشتعل من أجلك بحزن وتواسيك، وإن كنت في ضغط فهي متنفسك الوحيد، وإن كنت غاضبا فهي الشرر الذي يتطاير من فمك كتنين هائج، وإن كنت تريد أن تكتب أو تفكر فهي تمنحك الإلهام. بل إن أردت إثبات رجولتك وأنت يافع فليس أقرب منها لتبين للجميع – خاصة الفتيات – أنك سيّد الرجال…وكل هذا وهم وهم وهم…فهي لا تمنحك شيئا ولكنك حتى حين تعي بذلك تعجز عن تركها لأنك مدمن عليها: الوهم يعمل على الإدمان، وهذه صعوبة كبرى تجعل مغادرتك له صعبة حتى لو وعيت به وأردت طِلاب الحق…وهذا يشمل أمورا كثيرة لا تحصى: من يقضي الوقت كلّه في أحلام اليقظة يتخيّل ويتمنى وهو عاجز كسلان، ولا يقدر وهو يعي أن ذلك مضيعة للفكر والطاقة والوقت أن يترك إدمانه لذلك، ومن لديه خلل أخلاقي معين أو أمر مشين يقوم به ويعي أنه مخطئ فيه ولكنه يعجز عن تركه…وفي باب الوعظ والزهد تجد كلاما كثيرا ضمن هذا الإطار..وصولا للرقائق والكلام عن الدنيا فهي على حد تعبير العارفين وهم في نهاية المطاف…والآخرة هي الأبقى…لكن لا يتيقظ الإنسان إلا إذا مات..حينها ينتبه…
علم الأخلاق وعلماؤه ومن ألفوا فيه من أمثال سقراط والجاحظ وسواهما، تكلموا كثيرا عن مغادرة الباطل وإصلاح النفس، بل علم الأخلاق كله علم لطب النفس البشرية، وهنا أذكر بحثي في علم الاخلاق ضمن موسوعة البرهان والعلم الذي سميته علم الطب الأخلاقي لأن الأخلاق وقاية وعلاج، وللأمر تفصيل طويل تجده حيث ذكرت لك.
علم التصوف ليس سوى سلوك ذوقي للخلاص من الأوهام والشرور الباطنية وبلوغ الحق واليقين والرقي الذوقي الذي يفتح باب الإحسان ويرنو إلى مقامه.
فنون الدفاع كلها، خاصة الباطنية منها عمل قاس شاق لهزيمة “الشيطان الذاتي” وبلوغ حالات من التوازن والتناغم والتحرر الروحي والطاقي الذي عبّر عنه خبراء فنون الدفاع واليوغا الهنود بمصلطح “نرفانا”، وعبّر عنه ملوك فنون الكونغ فو شاولين والكونغ فو وودنغ في الصين العظيمة بمصطلح “أراهان”، في حين عبّر عنه مقاتلو الساموراي في اليابان بالساتوري: إنه مستوى التحرر واليقظة الكاملة L’Éveil التي كم كتب عنه المعلم الكبير الفرنسي Henry Plée الملقب بالأستاذ في مجلة كاراتي بوشيدو وفي دراساته وكتبه، وهو الوحيد من غير اهل اليابان ويحمل الدان العاشرة في الكاراتي وصاحب أول دوجو – مكان مخصص لتعليم فن الكاراتي – في أوروبا فتحه سنة 1956…..إنها يقظة من الوهم سماها علماء العرفان وأهل التصوف والكشف بالإشراق…مستوى من السمو النفسي والروحي وانفتاح تشاكرات الطاقة كلها وتحرر الطاقة الكامنة وبلوغ جوهر الروح الإنساني وهو جوهر رباني خالص.

الدين الإسلامي وكل الديانات السماوية ركزت على تحرير الإنسان من الوهم، ومن وسواس الشيطان وتزييفه وتزيينه، وتجد آيات كثيرة تتكلم عن هذا وأحاديث نبوية عديدة وفي كلام السيد المسيح أيضا الكثير وفي أقوال للصالحين والعارفين ومواعظهم مما يضيق به المجال.
حين ننظر في تاريخ الفلسفة البكر ومعناه الأول (حب الحكمة Philos Sophia) الذي انبجس من مفكري وفلاسفة الإغريق ولئن وُلد قبلهم بكثير وكان له في أرض الهند والصين خاصة تاريخ طويل، فإننا نرى صراع سقراط وأفلاطون وأرسطو مع الوهم، عبر محاولتهم فهم الحقيقة وبلوغ الحكمة وتحطيم الوهم، وهنا كان الصراع مع السفسطائيين وبيضتهم ودجاجتهم وألاعيبهم العقلية التي كانوا يبنون من خلالها “أوهاما” أرادوا سجن الناس فيها وتخديرهم بها.
وحين نرى محاولات الفلاسفة جميعا على مر العصور مرورا بالفلاسفة المسلمين من أمثال ابن رشد نراهم يقاتلون الوهم ويحاولون تفكيكه لبلوغ الحقيقة، وهي آليات أخذها عنهم فلاسفة التنوير في صراعهم مع ما بنته الكنيسة حول العقل من أوهام أغرقت أوروبا قرونا في الظلام. ومن تلك الثورة الفكرية نبعت ثورة العلم والتطور التي نعيش اليوم بعضا من فيئها، لكن استمرت الأوهام وتجددت بطرائق أخرى واستخدمت ذلك التطور لتُعيد التشكل والبناء…فللوهم جنود يعيدون إحياءه كلما قتلته الحقيقة.
فلسفة كونفشيوس أعظم فلاسفة الصين الذي أثر لأكثر من عشرين قرنا بحث عن الحقيقة وتحطيم للأوهام، وحين خضع لاو تزو لوهم السلبية وقرر ترك العالم وقضاياه والعيش في سلام بعيدا عنه ضمن مبادئ الطاويّة حتى صار أتباعه في معبد وودنغ مضرب مثل في السلبية ثارت ثائرة كونفشيوس لأنه يرى ذلك سقوطا في الوهم…فلا خير للفلسفة إن لم تنفع الناس وتقترب منهم…
العلوم التجريبية حاربت الوهم، رغم أنها سقطت فيه مجددا عبر نظرية التطور في اعتقادي. وكان غاليلي يهتف أن الأرض تدور وهو يُعدم واثقا أن ما نسجته الكنيسة من وهم حول الكون وأن الأرض مركز العالم ومجرة درب التبانة خيط من الضوء سوف يسقط حتما، وبعد ستة قرون تعتذر الكنيسة منه حين اندكّت الأوهام وأظهر العلم للعالم بعضا من حقائق الكون المدهشة، لكن أحد شيوخ الوهبنة يقول رغم ذلك واليوم أن الأرض لا تدور ولو دارت لأمكن للطائرة أن تقف في السماء وتأتيها الصين..هنا ربما مجال لكي يضحك كونفشيوس حد الإغماء.
في مستوى العقيدة حاول صناع الوهم بناء أوهام عقائدية مضللة مثل التجسيم، وبرز له عدد كبير من أهل الزيغ وفساد المعتقد، وهو أمر واجهه علماء ربانيون ناظروهم وأثبتوا فساد رأيهم وهو ما انبنت عليه العقيدة الأشعرية والماتريدية التي عليها أكثر المسلمين. ولكن تلك الأوهام سرعان ما تتجدد، وما يجري من إرهاب اليوم ناتج عن وقوع عدد كبير من الشباب في أوهام عقائدية رأوها حقيقة مطلقة مثل كون الدين لا يقوم إلا بالذبح والقتل وكون كل مخالف يستحق الموت وان الصوفي مشرك والأشعري كافر وكل شيء مباح لهم لأنهم جند الله وخاصته وحاملو لواء نبيه….وكلها أوهام تم بناؤها بذكاء شديد حتى يصعب بل يستحيل الخروج منها..وهذا النسيج الوهمي حاولت توضيحه في كتابي رحلة في عقل إرهابي ضمن منطلقاته وتمشياته المختلفة (عقائديا ونفسيا وثقافيا وروحيا وطاقيا واجتماعيا…).
ولست قادرا ضمن هذه الأسطر عن تلخيص كل أوجه الوهم الطاغي على حياة البشر حاملا خلفه الزيف والموت والخراب والمرض والفوضى وإهدار الطاقة والحياة، يمكنك ان تنظر في زورق يحمل مئتي مهاجر إفريقي هارب من الفقر خلف وهم النعيم الأوروبي لترى كيف يمتزج الوهم بتعاسة البشر وبالموت الطافي مع جثثهم الغارقة، أو للملاهي التي يهدر فيها الشباب طاقاتهم في الرقص العشوائي والخمر والرغبات الفاسدة، أو في حالات الإدمان وانتشار المخدرات التي تبني الأوهام وتنتشر في المدارس والمعاهد والجامعات وفي الأحياء بشكل غير عادي…..
إن نظرية بناء الوهم تختفي خلفها سياسات لبناء الوهم ونشره، واستراتيجية قوية ناجعة تُفعّله وتبني به واقعا بديلا ينتشر كبقعة الزيت ليتحول من وهمي وافتراضي ومرغوب أو برمجي إلى فعلي، فعلى سبيل المثال حين استشرفت منذ سنوات وقوع انقلاب جوهري في العالم العربي، أو حتى استشرافات المسار التطوري للعمل الإرهابي بتونس منذ سنة 2011 وهو ما تحقق بعد سنوات، كل هذا كان لدى الكثيرين مجرد كلام فارغ وكهانة باطلة، فمن كان يظن ضمن الفهم السطحي والعادي أن يعيش العالم العربي مثل هذا الكابوس؟ إنه بناء الوهم وسياسته الماكرة، وللسياسة علاقة وطيدة بالوهم لا محالة وهذا شأن طويل.
خلاصة القول، فنظرية بناء الوهم تتلخص في الآتي: زرع وهم ما في نفس أو عقل أو مجتمع معيّن، ثم تطويره وبناؤه حتى يطغى على الوعي والادراك والواقع، ويصبح بديلا للحقيقة.
وهي أيضا قوة برمجية تجعل كل الحقائق الفعلية أوهاما وكل الأوهام الفعلية حقائق.
وأذكر أني قرأت في مقال للمعلم هنري بلاي حكمة لفيلسوف ترجمتها عن اللغة الفرنسية مفادها أن “الوهم ظنا منه أنه حقيقة يأخذ الحقيقة على أنها وهم”
إنها خلاصة أخرى لنظرية بناء الوهم.
تحتاج هذه النظرية لنظرية مضادة، هي نظرية تفكيك الوهم، وأخرى للوقاية والمعالجة. وهذه جوانب يشترك فيها التصوف مع فنون الدفاع خاصة الباطنية منها مثل التايتشي Taichi والتنمية البشرية وعلوم التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع وحتى الثقافة والفن وكل استراتيجيات تطوير الذات وإصلاح المجتمع. فهو عمل لا يقتصر على مستوى بناء النظريات رغم وجوبها وضرورتها والحاجة الماسة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، بل لتفعيلها على مستوى الواقع حيث يتم بناء مجتمعٍ واع مثقف، وثقافةٍ هادفة قوية، وعقيدة سليمة، وعقولٍ نيرة وأنفسٍ لا تسكنها الظلمة، عمل قد يبلغ حد الإيتوبيا والطوباوية الحالمة بالنظر لما نعيشه اليوم، لكن متى كانت معركة الحق مع الباطل والحقيقة ضد الوهم يسيرة أو ضمن شروط الممكن؟؟؟
إن بُناة الوهم في العالم – وفي عالمنا العربي خاصة – كثر جدا، هم بناؤون مهرة، ربما تجد نفسك تمشي بالمعنى والمقصد نحو البنائين الأحرار (الماسونيون) أو ما تبنيه الصهيونية من مستوطنات ليسكن المحتل وجدران ليختنق صاحب الأرض، ضمن بناء وهمي يريد أن يفرض أن فلسطين لهم وليس لأهلها فيها شيء، وأن القادمين من أصقاع الأرض لاحتلالها هم الموعودون من الرب للحياة فيها، كما يقنع إخوانهم من شيوخ الوهابية الشباب العربي أن الشام هي أرض الملاحم وهو الموعودون من الرب لكن للموت فيها لا للحياة. إنها جدران الوهم التي لابد أن تندك كما اندك جدار برلين، لكن دون ذلك خراب كثير. ويبقى أجمل ما قيل في الوهم وما يعبر عن جانب آخر منه يخص جانبا مهما في ذاتي، وفي الذات العربية قديما وحديثا: الشعر، فهو الذي يتخذ الخيال – أخو الوهم الطيب الجامح – مطية للسفر في عوالم ينبيها ويسكنها، يبقى الأجمل بيت من قصيدة غنتها الفنانة الرائعة ماجدة الرومي وكتبها الشاعر الدمشقي الكبير نزار قباني: يبني لي قصرا من وهم…لا أسكن فيه سوى لحظات. صدق نزار: فمن بُنيت له قصور الوهم…وسكنها…سارع إلى الزوال…أو سارع الزوال إليه…

سوسة
‏‏10‏-08‏-2015‏ 2:44


عن التقدمية


تعليق واحد

  1. وسن

مقال هام وجب التمعن فيه بجدية ،، نشكر الكاتب عليه ، تربت يداك .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

صورة الكابتشا

 


*



WEBSTATCOUNTER




تحرير-سورية-من-الذئاب-المنفلتة-الانزا

الرئيسية » أخبار عسكرية » تحرير سورية من الذئاب المنفلتة .. الانزال الروسي في النورماندي السوري. بقلم نارام سرجون

تحرير سورية من الذئاب المنفلتة .. الانزال الروسي في النورماندي السوري. بقلم نارام سرجون

في أخبار عسكرية, كتاب التقدمية

4 أكتوبر 2015
تعليق واحد
2,149 زيارة

قوات روسية خاصة تصل إلى ميناء طرطوس في سوريالم أكن أعرف ماذا تعني سخرية الأقدار الا في الروايات الخيالية والكتب الأدبية لأنني اعتقدت أنها مصطلح لشيء لايرى ولايدرك بل يمكن تصوره فقط .. ولم أكن أتخيل أنني سأرى أكبر سخرية للأقدار في التاريخ أمام عيني .. ولكنني اليوم أقدر أن أشرح لكم ماهي سخرية الأقدار لأنني رأيت الأقدار التي تضحك ساخرة بل انني أمام قدر يقهقه؟؟ فهل رأيتم مثلي قدرا يضحك بسخرية؟ اذا لم تكونوا قد رأيتم قدرا ساخرا فاسمحوا لي أن أقدمه لكم لان هذه الرؤية تأتي مرة كل ألف عام .. ان العمر كله قد لايرى ابتسامة الأقدار فكيف لنا أن نقاوم مشهد ضحكة الأقدار الساخرة؟؟ 

سخرية الأقدار هي أن يضحك القدر حتى يغمى عليه وهو يستمع الى تدافع التصريحات الدولية التي تقر بالحاجة الى التخلي عن اشتراط رحيل الأسد .. هل يمكن لأحد منا أن يطلب من الأقدار ألا تضحك من قلبها على توالي زعماء أوربة واحدا بعد الآخر للتصريح أن لامناص من محاورة الأسد ولو على الأقل خلال المرحلة الانتقالية .. العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا يكاد يشتعل بتصريحات متراجعة .. فلانكاد ننام على تراجع حتى نصحو على تراجع جديد .. العالم يبدأ مرحلة الانسحاب التكتيكي من مرحلة العداء مع الأسد .. بل كيف لي أن أضع يدي على فم الأقدار التي تضحك بشكل هستيري حتى اختنقت بالضحك وهي تستمع الى أردوغان يقرر أخيرا ورغم أنفه أنه سيقبل وجود الرئيس الأسد ولو مؤقتا ومن دون منطقة عازلة ومن دون ركعة واحدة في المسجد الأموي ومن غير وضوء ..

واعذروني ان قلت لكم بأنني لن أدرك الأقدار قبل أن يغمى عليها من شدة الضحك وهي ترى الاخواني الواعظ قنصل ايباك الفخري راشد الغنوشي وهو يقر بضرورة المصالحة بين السوريين حتى مع الرئيس الأسد .. ضحكت كثيرا وأنا أمرّ على المصطلحات المدورة والمكورة والمنحنية والمواربة والمستحية والمتعجرفة الذليلة .. ولم يعد ينقصنا الا أن يخرج خالد مشعل و أن يحرق علم الثورة السورية أو علم تركيا أو علم قطر ويرفع صورة الرئيس بشار الأسد .. ولم تعد سخرية الأقدار المضحكة لتكتمل حتى نرى القرضاوي يدعو للرئيس الأسد بطول العمر وأن يقصف عمر أردوغان وأن يفتي بقتله ويضع دمه في رقبته الى جانب دم العقيد القذافي ودم مئات آلاف المسلمين الذين تسبب بموتهم .. وقد يدير فيصل القاسم حلقة كاملة هستيرية عن المؤامرة الصهيونية القذرة على الشعب السوري الذي يحتاج الرئيس الأسد .. وربما ينهض الشفقة من حيث لانحتسب ويرى أن من الضروري شد ظهر الهلال الشيعي لأنه هلال مقاوم .. ولاأستغرب أن يستعين أبو محمد الجولاني بمراجعات (عبود الزمر) الذي أفتى بقتل السادات ثم تفنن في فقه التراجع واعتبر السادات شهيدا وقتله جريمة .. بل وقدم اعتذاره الشهير الذي كان بداية الصفقة بين الاخوان المسلمين والغرب لمشروع الربيع العربي ..

هل أدعوكم للمرور معي في جولة تفقدية على وجوه أولئك الذين توعدونا يوما بالتدخل الغربي وبالأساطيل الاميريكية وبالفصل السابع الذي يسقط النظام ورقصوا وبكوا وكذبوا من أجل أن يقدموا الأعذار للناتو بالقدوم والنزول على الشواطئ السورية .. فتلك الوجوه هي التي تظهر عليها الدهشة من سخرية الأقدار منها .. أريد ان أمرّ أيضا على وجوه أولئك الذين بذلوا جهودا خارقة لصناعة وتصميم فكرة اسمها (لحظة التخلي الروسي الحتمية عن الدولة السورية) وتنبأ لنا بتراجع الروس عن دعم الموقف الوطني السوري ودخل في تفاصيل صفقات بيعنا وشرائنا .. وأثماننا ببراميل النفط .. المقدم منها والمؤخر .. وعن التعب الروسي وعن تردد الجيش الأحمر .. وبلغ الأمر أقصى السخرية عند الحديث عن لحظة لجوء الأسد الى غواصة روسية تحت البحر .. بل وأسهب الثوار في وصف ملجئه وسريره وستائر بيته في سيبيرية .. ولاأدري ان كانوا سيبشرون جمهورهم اليوم أن الغواصة التي يتهيأ الرئيس الأسد للنزول بها تحت الماء والاختباء من الثورة المباركة قد وصلت بين سفن الأسطول الروسي الى طرطوس ..

لايعنيني كيف يواجه هؤلاء الناس وكيف يجادلون القراء المخدوعين وتلك الغوغاء التي تبعتهم خمس سنوات بأيامها ولياليها .. بل يعنيني كيف ستبصق الكلمات التي كتبوها عن ذلك في وجوههم لأنها اليوم تحس أنها كلمات تسري دماء الكذب في عروقها وأنها حمّلت من الكذب مالاطاقة لها به .. ستبصق في وجوههم بصاقا أسود لما تحس به من احتقار واذلال وهي ترى أن من نزل على الشواطئ السورية ليست الغواصة التي ستقل الرئيس الأسد الى ملجأ .. بل هي الأساطيل الروسية التي ستنقل الثورة الوهابية الى محطة مجهولة .. وأن الروس أثبتوا أنهم لايباعون ولايشترون وأنهم ليسوا أغبياء ليبيعوا مالايباع .. وأن حلف المقاومة متماسك كالبنيان المرصوص ..

ولايعنيني مايقول هؤلاء وهم يستعملون متاريسنا وقلوبنا و مفرداتنا ويلوذون بوطنيتنا التي ترفض التدخل الاجنبي ويذكروننا أننا رفضنا خيانتهم يوم استنجدوا بالناتو ويطلبون منا أن نحل المعضلة الفقهية الأخلاقية في أننا لايجب أن نقبل التدخل الروسي الذي يوازي طلبهم بالتدخل الأمريكي .. هؤلاء الذين يريدون احراجنا بذلك هم الذين يمزجون دم اللغة بدم الأفاعي البارد ويخلطون مذاق الرحيق بلعاب التماسيح ونكهة النعناع بنكهة الخشخاش .. وهم المتشدقون الذين يسرقون كل شيء حتى الشعارات الوطنية ويستعملونها لستر الخيانة ويتقاذفونها .. وهم أنفسهم الذين اجترحوا معادلة الاستعانة باسرائيل وبيع الجولان لنتنياهو ولواء اسكندرون لأردوغان من أجل الفوز بالسلطة .. وهؤلاء هم الذين ارتكبوا مجزرة الكيماوي من أجل أن تتحول سورية الى محرقة كبرى بالسلاح الأميريكي واليورانيوم المنضب ..

هؤلاء لن نشغل أنفسنا بالرد عليهم لأن الرد عليهم لايجدي فهؤلاء لايبحثون عن الرد ولاعن الحقيقة لأننا أمضينا خمس سنوات نقتح لهم كتب المنطق والتاريخ والجغرافيا والوطنية والقرآن والأخلاق دون أن ينفع ذلك .. لأن التفكير السليم علمنا يوما أن هناك كلام حق كثيرا يراد به باطل كبير .. ان رفع شعار أن مانفعله من التعاون مع الروس هو مطابق لما فعلوه بالتعاون مع الناتو يشبه خدعة المصاحف على الرماح .. فكما رفعت يوما المصاحف على الرماح لاحراج السلطة الشرعية المتمثلة في “علي” بأنها تتحدى دستورها القرآني فان البعض يرفع اليوم مصاحفنا الوطنية الرافضة لاستدعاء الناتو .. شعاراتنا المقدسة التي ترفع على رماح الوطنية يراد بها باطل لابطال وطنية الاستعانة بالحليف الروسي لتحرير الأرض .. ولكننا لسنا من أولئك الذين تحرجهم الادعاءات الماكرة ولن تهزنا المصاحف بأيدي المنافقين ولن نكترث بها ..لأن المصحف الذي يحمله المنافق لايشبه الا صلاة بلا خشوع وبلا سجود ولا ركوع ..

ليست هناك حذلقة ولا ازدواجية معايير وطنية .. ولمن يريد أن يفهم المعركة اليوم وتفاصيل التدخل الروسي فعليه أن يدرك أننا نواجه احتلالا أطلسيا عبر حروب الجيل الرابع وأن الحقيقة هي أن تركيا ومن خلفها الناتو صارت تحتل بشكل مقنع جزءا جديدا من شمال سورية عبر لعبة الثورة وبقفازات داعش وجبهة النصرة والجيش الحر .. فطوال الحرب على سورية تردد الناتو في التدخل واكتفى بالضغط الهائل السياسي والنفسي ولكن الميدان بدا أنه محسوم للجيش السوري .. فمنذ معركة بابا عمرو والجيش يتنقل من تحرير الى تحرير بسهولة فائقة .. لم يتدخل الناتو علنا في كل هذه المعارك لأنه اعتقد أن الجيش السوري غير قادر على حسمها بسهولة .. ولكن الناتو في معركتي ادلب وتدمر قرر تغيير قواعد اللعبة بشكل خطير لأول مرة .. فهو من خاض فيهما الحرب الالكترونية والتنصت والتشويش والرصد بالطلعات الجوية وبالاقمار الصناعية بحجة محاربة الارهابيين بل ان كل الخطط وضعت في غرف عمليات أشرف عليها ضباط الناتو في تركيا بالتنسيق مع غرفة موك في الجنوب حيث تم شن هجمات منسقة لتشتيت انتباه الجيش بين الشمال والجنوب .. ولكن الناتو كسر خطا أحمر عندما دفع بالسلاح النوعي لمرتزقة من كل دول العالم لاختراق ادلب وريفها واحتلال تدمر وجنوب درعا .. وهذه كانت غلطة العمر لأن الاستعانة بالناتو واسرائيل كانت كاملة في الأشهر الأخيرة ولاينقصها الا الحملة الجوية العلنية التي استعيض عنها بسلاح نوعي جدا وغطاء الكتروني وتكنولوجي عال وسلاح الجو الاسرائيلي الذي يشارك جهارا نهارا في المعارك ضد الجيش السوري .. هذا الانخراط الغربي المخاتل المخادع الذي يغوص حتى أذنيه في الحرب خلسة لن يمر دون عقاب ودون رد من نفس النوع .. فالناتو هو الذي دخل الحرب خلسة علينا وهو البادئ بالاعتداء .. ولذلك اذا كان الناتو قد دخل الحرب فاننا وجدنا أن علينا اعلان حرب تحرير ضد الناتو .. وفي حرب ضد الناتو لامفر من الاستعانة بالعدو الحيوي والطبيعي للناتو وهو روسيا .. لأن الحروب الكبرى مع الكبار تقتضي تحالفات كبرى مع الكبار .. وكما أن الفرنسيين لم يخجلوا من تحرير فرنسا التي احتلها النازيون بالاستعانة بالحلفاء فاننا لن نخجل من اي تحالف لطرد النازيين الأتراك وعملائهم من النازيين الاسلاميين الذين يحتلون شمال سورية ..

وهناك حقيقة أخرى هي أن الروس – وهم تلامذة مدرسة “الحرب والسلام” – يعرفون أن الأذرع الأميركية في سورية ستتجه نحو القوقاز ان استطالت وتمددت .. فقرروا بتر الأذرع الاميريكية في المنطقة قبل أن تطول .. فالمراوغون الأميريكيون كانوا يريدون جعل المنطقة مزرعة للتنظيمات الاسلامية لبضعة عقود حتى تتحلل المجتمعات الشرقية تحللا ذاتيا وتتفكك وفي رحلة التفكك سيتم استخدام منتجات التفكك الاسلامي لتفكيك روسيا والشرق الأقصى .. الغرب هو من يرعى داعش والنصرة وهو من كلف أردوغان بمهمة الراعي الذي يشرف على الأغنام .. ولذلك فان كل قنبلة روسية تسقط على داعش والنصرة اليوم يهتز منها البيت الأبيض ويغمض عينيه كيلا يرى جنوده الدواعش من الذئاب المنفردة والمنفلتة صرعى .. وكل قنبلة روسية تصيب العسكريين ورجال المخابرات الاميريكيين بالهستيريا .. فالذئاب المنفردة التي جمعت في داعش والنصرة حتى باتت قطعانا منفلتة يتم احراقها وسحقها ولاتملك الذئبة مرضعة الذئاب التركية ولا صاحبة الذئاب أميريكا أن تفعل شيئا لأن الاعتراض يعني اعترافا علنيا أن تنظيمات الذئاب الاسلامية هي ملك للجيش الأميريكي وهي التي أوكل اليها مهمة حروب الجيل الرابع ..

هناك من يعتقد أن الروس ربما أوقعوا الاميريكيين والسعوديين في فخ بالسماح للأميركيين بقرار دولي لمحاربة الارهاب وتشكيل تحالف ضده في سورية لأن الاعتراض عليه كان يعني أن داعش تحميها روسيا والنظام الذي كان يشاع أنه صمم داعش لتدمير الثورة السورية فتم تمريره ضمن ممرات صارمة لاتمس الدولة السورية .. وكذلك صمت الروس عن قرار يجيز للسعودية الدخول الى اليمن لأن المطلوب كان أن تغرق السعودية في حرب طويلة بعيدا حيث تنزف بهدوء ويسيل دمها الأسود .. ولذلك لايبدو اعتراض اميريكا على الحملة الروسية منطقيا أو قادرا على المناورة بالكلام والمراوغة .. فكيف تبرر اعتراضها وهي بنفسها التي أدرجت النصرة وداعش على قوائم الارهاب ودعت الى تحالف دولي ضد ارهابهما في مجلس الأمن؟؟ الأميريكيون اعتقدوا أن الروس لن يقدموا على المجازفة والمشاركة في أي تحالف وسيتركون الناتو يقوم بدور الشرطي ضد الارهاب حيث يقوم الشرطي بالتحايل على الناس والقانون وتمثيل دور رجل الشرطة الصارم وشريف البلدة ولكنه حقيقة يقوم بتقاسم المسروقات ليلا مع اللص الارهابي والذئب ذي اللحية الاسلامية في لعبة دولية قذرة ..

المعركة الآن مهما قيل أنها بين الدولة السورية ومعارضين متشددين اسلاميين فانها في الحقيقة معركة تحرير سورية ومعركة بتر الأذرع الاميريكية وطرد الناتو المحتل لبعض الأرض السورية بغطاء مراوغ .. وهذه المعركة تشبه معركة تحرير أوروية في الحرب العالمية الثانية من النازية التي قادها عمليا البلدوزر الروسي وجرف في طريقه النازيين وجحافلهم .. اليوم يقوم الروس بانزال في طرطوس يشبه انزال النورماندي الذي قام به الاميريكيون على الشواطئ الفرنسية والذي افتتح عملية تحرير اوروبة .. وسيرى الثوار معنى القصف بالجحيم على أصوله لأن الأيام القادمة ستظهر لهم مفاجآت قاسية وسيعرفون أن الروس لايداعبون أعداءهم وأن الأم الحنون الأميريكية كانت تقصفهم بالوسائد لا بالقنابل .. وسيتوالى هطول الجحيم على كل الثوار في عملية يسميها الضباط الروس عملية أرقى من تطهير الأرض لأنها ستكون مرحلة تعقيم الأرض من موجات الذئاب المتطرفة ..

الروس يريدون ويرددون أنهم يريدون سورية دون تقسيم لأن تقسيمها ضد مصلحة روسيا أولا .. فهذا يعني تحطيم الخرائط الاقتصادية والسياسية التي تحمي روسيا وسيكون كل مشروع روسيا للنهوض ثانية بلا طائل دون السماح لها بالهبوط على أكبر حاملة للطائرات في العالم هي سورية حيث تتوسط مفارق العالم نحو الغرب والشرق ونحو الشمال والجنوب .. فيما كان الاميريكيون يروجون لمرحلة تقسيم سورية للحصول على حاملة الطائرات العملاقة ومنع الروس من الهبوط على مدرجاتها .. المعركة بدأت والأيام القادمة سيكون الشعب فيها على موعد طال مع تحرير سورية ..

الغرب مضطرب فهو في محنة أخلاقية عويصة أمام جمهوره وفي محنة ديبلوماسية وعسكرية لأنه غير قادر على مساعدة قطعان الذئاب وغير قادر على الاعتراض على التحرك الروسي لاعتبارات عسكرية واضحة ولكن أيضا لانه لم يمسك بعد بالحجة والذريعة القوية للاعتراض على قصف اسلاميين شاهدهم العالم على مدى سنوات على أنهم ليسوا مقاتلي حرية بل آكلو قلوب وذباحون وتجار سبايا ومجاهدو نكاح مهووسون باللذة المحرمة .. واذا تحالف الروس والغرب ضد النازية فلماذا لايتفقان في الحرب على الارهابيين ؟؟ ..

مشروع تحرير سورية من كل ذئاب الناتو المنفردة والمتفرقة والمجتمعة بدأ على يد الجيش السوري وحليفه الجيش الروسي .. ولذلك أجدني لأول مرة في حياتي لاأقدر على أن أكتب كلماتي لا بالحبر ولا بالرصاص ولا أن أقطفها من أي كتاب ولا من فم أي قصيدة أو ملحمة .. لأنني قطفت كلام هذه المقالة من فم طائرات السوخوي ومن تحت أجنحة الميغ .. وليس في فم السوخوي الا مذاق النصر .. وأنا جالس في مكتبي أشرب قهوتي لأول مرة منذ أربع سنوات وأحس طعمها لذيذا فيه نشوة خفية .. وكنت فيما مضى أشرب ألف فنجان وكأني شربت ماء البحر .. انها حقا سخرية الأقدار .. أن يصبح فنجان قهوة واحد بنكهة السوخوي يعادل ألف فنجان من بحيرات اللغة التي صارت مالحة .. كماء البحر ..

==================================
ملاحظة: نسيت أن أقول للثورجيين أنه بالفعل هناك غواصة روسية في المياه السورية ولكن ليس لاصطحاب الرئيس الى المنفى بل لغرض آخر .. لن يروق للثوار معرفته ..

 



عن التقدمية


تعليق واحد

  1. نارام سرجون كاتب وطني رائع ،، تحياتي له

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*


*


كتاب-التقدمية

الرئيسية » كتاب التقدمية

كتاب التقدمية

“خريف الدم العربي: أسرار داعش واخواتها” عنوان كتاب جديد لرياض الصيداوي يكشف فيه أسرار خطيرة جدا: من يمول داعش ولماذا وأسرار المخطط الكبير

27 مارس 2016

اضف تعليق
4,973 زيارة


daech secrets

صدر لرياض الصيداوي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف كتاب جديد عنوانه  “خريف الدم العربي: أسرار داعش واخواتها”. ويباع الآن في معرض الكتاب في تونس وفي المكتبات. ومن المنتظر أن يطبع أيضا في بيروت وفي القاهرة. الكتاب جاء في 208 صفحة من القطع المتوسط ونقرأ فيه للمؤلف: في هذا الكتاب أسرار ومعلومات خطيرة جدا تعرفها أجهزة المخابرات ويعرفها رؤساء …

أكمل القراءة »

تحرير سورية من الذئاب المنفلتة .. الانزال الروسي في النورماندي السوري. بقلم نارام سرجون

4 أكتوبر 2015

تعليق واحد
2,137 زيارة


قوات روسية خاصة تصل إلى ميناء طرطوس في سوريا

لم أكن أعرف ماذا تعني سخرية الأقدار الا في الروايات الخيالية والكتب الأدبية لأنني اعتقدت أنها مصطلح لشيء لايرى ولايدرك بل يمكن تصوره فقط .. ولم أكن أتخيل أنني سأرى أكبر سخرية للأقدار في التاريخ أمام عيني .. ولكنني اليوم أقدر أن أشرح لكم ماهي سخرية الأقدار لأنني رأيت الأقدار التي تضحك ساخرة بل انني أمام قدر يقهقه؟؟ فهل رأيتم …

أكمل القراءة »

نظريّة (بناء الوهم). بقلم مازن الشريف

12 أغسطس 2015

تعليق واحد
1,044 زيارة


مازن الشريف

نظريّة (بناء الوهم) سنة 2007 أنهيت تأليف كتاب “البرهان” رغم أني عكفت في السنين الموالية ولم أزل على الإضافة والتعديل والتطوير، وضمن هذا العمل الموسوعي في العلم والقرآن خصصت فصلا للوهم، وقسّمته إلى ثلاثة أقسام: 1/ الوهم حقيقة. 2/ الحقيقة التي تُتّخذ وهما. 3/ الوهم الذي يُتّخذ حقيقة. وحين نُنزّل هذا على المنحى الديني مثلا، فإن الاعتقاد بوجود خالق غير …

أكمل القراءة »

(الترويع، التجويع، التطويع) قراءة في استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك. بقلم مازن الشريف

27 يوليو 2015

اضف تعليق
866 زيارة


مازن الشريف

(الترويع، التجويع، التطويع) قراءة في استراتيجيات الاختراق والهزيمة والتملّك تذكرون ربما نظريتي الثلاثية: (التنظير، التكفير، التفجير)، والتي بنيتها سنة 2008 وبينتها مرارا في الإعلام وأثبتت الأيام والأحداث مدى عمقها وصدقيّتها وذكرها الإعلام كثيرا وارتبط مصطلح التكفير بالتفجير وتم الكلام عن الانتقال للمرحلة الثالثة على ألسنة كثيرة من سياسيين وسواهم وفي مواقع كثيرة منها ما يحمل اسم مواجهة الإرهاب والتفكير والتفجير …

أكمل القراءة »

رسالة إلى حكام تونس: ابنوا جدران الفكر…لا جدران التراب. بقلم مازن الشريف

9 يوليو 2015

اضف تعليق
864 زيارة


مازن الشريف

بعد كل ما فعل الارهاب في بلادنا، وما يفعل في بلداننا العربية وفي العالم بأيد أكثرها من بلادنا، خرجوا علينا بجدار عازل بيننا وبين ليبيا، كحل ذهبي للمعضلة، وتفكيك عجيب للمسألة. هذا الجدار كم سيكلف من الجهد والمال؟ وهل يمثل درعا فعلا ضد الإرهاب؟ كم من قوى الجيش ومن طاقة افراده سيتم انهاكها في هذا المشروع؟ كم من الضربات الإرهابية …

أكمل القراءة »

االوجه الآخر لداعش. بقلم د. محمد صالح الهرماسي

7 يوليو 2015

اضف تعليق
469 زيارة


محمد صالح الهرماسي

أكدت العملية الإرهابية الخطيرة التي ارتكبها داعش في مدينة سوسة، عروس الساحل التونسي، وحصدت أرواح عشرات السياح الأوروبيين هشاشة الوضع الأمني في تونس، ذلك أنه وبالرغم من كل الإجراءات الأمنية المشدّدة التي سمعنا من الحكومة مراراً وتكراراً أنّها اتخذتها لمواجهة العمليات الإرهابية وحماية الدولة والمجتمع منها،فقد تبيّن أنّ هذه الإجراءات لا ترقى إلى المستوى المطلوب وأنها مازالت أبعد ما تكون …

أكمل القراءة »

فقط في بلادي: بعد كل مجزرة وليمة…هكذا يصبح الارهاب غنيمة. بقلم مازن الشريف

3 يوليو 2015

اضف تعليق
2,353 زيارة


مازن الشريف

 بكل صراحة وبعيدا عن المجاملة ولا أسمح لأحد بأن يعتقد أني أمدح أو أتزلف: لقد هالتني وصدمتني قوة التخطيط وعمق الاستراتيجيا العظيمة والحكمة العرفانية التي جعلتني أخجل من نفسي وألقي في القمامة كل الكتب التي قرأتها والتي كتبتها وكل النظريات والاستراتيجيات…فعلا إنها العبقرية الخالصة…وأنا على يقين كامل ان الارهابيين الان في حالة هلع وخوف وصدمة ولا يجد أحدهم ما يقول …

أكمل القراءة »

بؤس الخطاب الديني المجتمع الإسلامي بقلم : إبراهيم قارعلي

2 يوليو 2015

اضف تعليق
284 زيارة


إبراهيم قارعلي

ما الفائدة من أن يخصص الإمام خطبتي الجمعة في آكلي رمضان !. فهل يذهب إلى المسجد لصلاة الجمعة آكل رمضان ، فلا شك حتى الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا الحلم أو سن الرشد يأتون الجمعة وهم صيام !!!… لقد راح الإمام طيلة الخطبتين يتوعد المفطرين بالنار !. ولكنه لم يتحدث أبدا عن التجار الذين يلهبون النار في الأسعار ويدخلون الصائمين …

أكمل القراءة »

كشف الأوراق الأخيرة: ما تبقى من المخطط الإرهابي وكيفيات ردعه. بقلم مازن الشريف

2 يوليو 2015

اضف تعليق
4,671 زيارة


مازن الشريف 1

“في علم الاستراتيجيا، عليك أن تتوقع الأسوأ، وتعمل للأحسن، لا أن تتوقع الأحسن، وأنت تعمل للأسوأ”. من كتابي مدخل إلى علم الاستراتيجيا. ملاحظة أولى: ما سيتم تفصيله في هذا المقال هو ضمن فهم عقل العدو، وضمن تصور أقصـى ما يصبو إليه وأقسـى ما يمكنه فعله. وهو أمر مهم لمناقشة كل تلك النقاط على أنها احتمالات أو استشرافات – كل حسب …

أكمل القراءة »

لماذا لا نتعلّم…حتى بالطريقة الصعبة؟ بقلم مازن الشريف

28 يونيو 2015

اضف تعليق
388 زيارة


مازن الشريف

ما حدث اليوم في سوسة لم يكن مستغربا، رغم الدهشة البادية على وجوه بعض السياسيين والمسؤولين في الدولة. كتبت البارحة، قبل سويعات من العملية: ( هذا الهدوء المريب لا يجب أن يخدع القائمين على الدولة، الحذر الحذر، فرُبّ غفلة أوصلت إلى كارثة.) وكانت الكارثة فعلا بغفلة وانخداع. وأذكر اني استشرفت مرات كثيرة، بل أجزم أنه لم تتم عملية إرهابية لم …

أكمل القراءة »

مونديال الرقيق… القطري. بقلم محمد طعيمة

13 يونيو 2015

اضف تعليق
305 زيارة


300px-قطر_تفوز_بمونديال_2022

  مُقارنة بمنتخبها للكبار، الذي عجز بمُتجنسيه عن التأهل لمونديال كرة القدم بالبرازيل، 2014، وخلال ذات الفترة، سحق منتخب ناشئ الدوحة، تحت 16 عاما، بوروسيا مونشن جلادباخ الالماني 7-1، وفاز منتخب تحت 19 عاما على المنتخب البرازيلي أقل من 20 عاما. الفارق، ليس وليد تراكم خبرات أجيال أو تنمية رياضية تكلفت مليارات، بل إنفراد قطري بـ”رقيق كروي”، فكل شئ مباح …

أكمل القراءة »

رحيل طارق عزيز: أما لهذه القسوة من آخر. بقلم معن بشور

9 يونيو 2015

اضف تعليق
223 زيارة


معن بشور

       لم تكن حرية الراحل العزيز طارق عزيز وهو المناضل الكبير والمثقف المميز والشخصية العراقية اللامعة وإنقاذ حياته هي الدافع الوحيد للجهود التي بذلناها، والاتصالات التي أجريناها، والنداءات التي وجهناها من اجل الإفراج عنه، بل كانت هناك دوافع أخرى تحركنا، وما زالت، رغم رحيل العزيز أبو زياد الذي رفع شأن الديبلوماسية العربية عالياً، وألحق برئيس البعثة الديبلوماسية الأمريكية …

أكمل القراءة »

لك الله أيها الجنوب: آثار الحرب علي الجنوب السعودي. بقلم د . حسن العمري

12 مايو 2015

اضف تعليق
537 زيارة


حسن العمري

مخاوف العرقنة و التهجير القسري لساكنيه .   هاهي طبول الحرب تدق في منطقتنا وهانحن أبناء منطقة الجنوب مع أبناء بقية المناطق نساق الي حرب لم نعلم عنها شيئاً إلا بعد إنطلاقها ، وهكذا يأخذنا الإعلام الرسمي والتابع  لما يسمى بعاصفة الحزم  في إنتصارات كبيرة وسيطرة كاملة على الأجواء اليمنية خلال 15 عشر دقيقة ، كل ذلك قبل أن نستيقظ. …

أكمل القراءة »

مصر ..والكفيل السعودى.! بقلم / ماجدى البسيونى

5 أبريل 2015

2 تعليقات
330 زيارة


ماجدى البسيونى

مصر ..والكفيل السعودى.! بقلم / ماجدى البسيونى رئيس تحرير جريدة العربى / مصر لو عاد باسم يوسف ببرنامجه الساخر ليدعى اشتراك مصر ـ السيسى ـ لتقدمت للقضاء ضد ادعاءه غير المبرر شكلا وموضوعا .. لو ذكرها “مسطولا” لتأكدت أنه تعاطى حبوبا للهلوسة. ربما يخرج من يرد :بأن ما أتمناه ليس من الأعراف الدبلوماسية ،فيما لو كان رد الرئيس السيسى على …

أكمل القراءة »

سلمان ونهاية شهر العسل المصرى الامريكى ..كش ملك! بقلم ماجدى البسيونى

5 مارس 2015

اضف تعليق
684 زيارة


ماجدى البسيونى

فى 27 /1 من هذا العام قطع باراك أوباما زيارته للصين وطار إلى الرياض بدعوى تقديم واجب العزاء فى وفاة الملك عبد الله ..انفرد بالملك الجديد “سلمان” وما أن أقلعت طائرته عائدا الا وكان مايزيد عن 30 مرسوما ملكيا لتثبيت “عدة الحكم ” الجديدة لولايته ..لابأس فكل هذا أمر داخلى حتى ولو إمتد لما بعد حدود المملكة ..الوحيد الذى ابقى …

أكمل القراءة »

فى ذكرى ميلاده الـسابعة والتسعين . لماذا عاش عبد الناصر ومات نظامه؟!! بقلم :عمرو صابح

3 فبراير 2015

اضف تعليق
138 زيارة


عمرو صابح..

“ولقد كنت أقول لكم دائماً: إن الأمة هى الباقية، وأن أى فرد مهما كان دوره،ومهما بلغ إسهامه فى قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية، وليس هو صانع هذهالإرادة الشعبية”. هذه هى كلمات الرئيس عبد الناصر فى خطاب تنحيه عن السلطة عقب هزيمة 5 يونيو 1967 ، ورغم ان جمال عبد الناصر ذاته هو من وصف دوره التاريخى بذلك إلا أن …

أكمل القراءة »

مبارك.. بالملابس الداخلية..! بقلم ماجدى البسيونى

1 ديسمبر 2014

اضف تعليق
175 زيارة


ماجدى البسيونى

مبارك.. بالملابس الداخلية..!ماجدى البسيونىرئيس تحرير جريدة العربى (1)” برغم ماجلي للمحكمة من نقاء المطالب المشروعه للمتظاهرين فجرالثورة الشعبية الأولى في 25 يناير 2011، والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لما اعترى النظام الحاكم من وهن في سنواته الأخيرة كبطء القرار، وتهيئ فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع، ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد سارت حكرًا لقيادات …

أكمل القراءة »

المعلم ..بالعربى .! بقلم ماجدى البسيونى

7 نوفمبر 2014

اضف تعليق
90 زيارة


ماجدى البسيونى

المعلم ..بالعربى .!بقلم ماجدى البسيونى رئيس تحرير جريدة العربىلا أعرف لماذا جائنى احساس وأنا أقرأ ماذكره السيد/ وليد بن محي الدين المعلم الدليمي عميد الدبلوماسية العربية بلا منازع منذ يومين بجريدة الاخبار اللبنانية من أن ذكرياته بجامعة القاهرة وهو طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى الفترة من 60 ـ 1963 كانت حاضرة أمامه وهو يقول: ” بالنسبة لمصر،نحن نؤيد الدولة …

أكمل القراءة »

دور ينتظر الجزائر: مشاهدات وانطباعات بقلم معن بشور

5 نوفمبر 2014

اضف تعليق
247 زيارة


معن بشور

في الجزائر اجماعان سياسيان وشعبيان في آن… اجماع على اصلاح شامل بكل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فكل من التقيته من سياسيين ومثقفين ومواطنين كان مسكوناً باصلاح وطن حررته ثورة كانت “مفاجأة العروبة لنفسها”. واجماع على تحصين الجزائر في وجه أي محاولة لاستعادة أجواء ما يُسمى في الجزائر “بالعشرية الدموية السوداء” حيث دفع الجزائريون في تسعينيات القرن الفائت ما …

أكمل القراءة »

منح الصلح… الاستقلال والاستقلالية. بقلم معن بشور

17 أكتوبر 2014

اضف تعليق
82 زيارة


معن بشور

لم يكن منح  الصلح وريث ارث عائلي استقلالي في حياة لبنان الحديث فقط،  بل كان ايضا رائداُ في اطلاق نهج استقلالي للتعامل مع العديد من التحولات والتطورات والانظمة في المنطقة مدركاً منذ البداية صعوبة الحفاظ على خط استقلالي في ازمنة الارتهان والتبعية، وفي ظل انظمة تتبنى مبدأ الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن:” اما ان تكون معي او انت ضدي” …

أكمل القراءة »

رسالة الى الرئيس المرزوقي حول ديكتاتورية عبد الناصر وما أدراك ما ديكتاتورية عبد الناصر. بقلم: الناصر خشيني

15 أكتوبر 2014

اضف تعليق
512 زيارة


naceurkhchini

فخامة الرئيس هكذا يخاطبك الناصريون بأدب ولياقة تعلموها من معلمهم عبد الناصر الذي غرس فيهم قيم العروبة والاسلام التي تنكر لها الكثير ممن يدعونها وهم أبعد الناس عنها نفيدك ان الفتية من الشباب العربي من تونس والذين رفضوا مقابلتك لهم مبررات كثيرة على فعلهم ذاك وذلك أنهم فتية آمنوا بربهم ولم يركعوا لغيره سبحانه وتعالى فلا يعرفون للذل والعبودية معنى …

أكمل القراءة »

اردوغان … من مأزق الى آخر. بقلم معن بشور

11 أكتوبر 2014

اضف تعليق
184 زيارة


معن بشور

       في لقاء عابر ضمني الى سفير تركيا في لبنان السيد  إينان أوزلديز وبعد ان اتضح حجم تورط حكومة العدالة والتنمية في الاحداث السورية، قلت للسفير :” اتمنى ان تنقل هذه الرسالة الى رئيس حكومتك (آنذاك) رجب طيب اردوغان من مواطن عربي وعروبي طالما سعى، وما زال، الى إقامة مثلث عربي – ايراني – تركي يشكل قاعدة لاستقلال …

أكمل القراءة »

معن بشور يدعو الى اوسع تحرك تضامني عربي واسلامي ودولي من اجل القدس

9 أكتوبر 2014

اضف تعليق
48 زيارة


معن بشور

بشور يدعو الى اوسع تحرك تضامني عربي واسلامي ودولي من اجل القدس: –         ويعلن عن تحضيرات جارية لعقد “الملتقى الدولي للعدالة في فلسطين”. –         رسالة حزب الله في مزارع شبعا وصلت لمن يعنيه الامر وتحذير من خطط المناطق العازلة من الجولان الى العرقوب. –         سياسة نأي “التحالف” بنفسه عن انقاذ عين عرب تكشف عدم مصداقية ادعاءات واشنطن بحماية المدنيين و”الاقليات”. …

أكمل القراءة »

:”الشعانب” الجدد !!!! بقلم محمد صالح مجيّد

6 أكتوبر 2014

اضف تعليق
122 زيارة


محمد-صالح-مجيد1

:”الشعانب” الجدد !!!!**نامت نواطير “تونس” عَنْ شَعَانِبِهَا** فقد بشمن وما تفنى العناقيد** (مع الاعتذار للمتنبّي)إذا كانت بعض “الفضائبات” التي أشعلت نيرانا عجزت عن محاصرة دخانها، قد أثقلت المسامع بالحديث عن “داعش” ومشتقاتها في سوريا والعراق،فإن تونس المحروسة من عين الحاسدين، قد ابتلاها الله بشعانبها الذين فرّوا من ضيق الاجتماع والمدينة، إلى فسيح البراري والجبال حيث يصبح الخبز الحافي مغمسا في …

أكمل القراءة »

ممدوح رحمون… وبوليصة التأمين. بقلم معن بشور

2 أكتوبر 2014

اضف تعليق
65 زيارة


معن بشور

معن بشور 2/10/2014        صاحب هامة مرفوعة دائماً لم تعرف الانحناء لغير الله، وصاحب همّة عالية لم تستطع السنوات والعقود ان تصيبها بالفتور، وصاحب خلق رفيع عصي على كل ترغيب وترهيب، وحين كنا نفاجأ به في ندوة او مؤتمر او لقاء او مخيم شبابي ، في مناطق لبنانية  نائية، او في اقطار عربية بعيدة، ونسأله : ما الذي جاء بك …

أكمل القراءة »

من تونس إلى … مصر: لماذا يكثر قادة الحركات الإسلامية الآتين من العلوم الصحيحة ويقلون من العلوم الإنسانية؟

2 أكتوبر 2014

اضف تعليق
1,528 زيارة


bbc 1882014 libye ok

إن ظاهرة أن أغلب قادة الحركات الإسلامية يأتون من العلوم الصحيحة وليس من العلوم الإنسانية والاجتماعية تم تأكيدها من تونس إلى مصر ومرورا ببقية البلدان العربية. حيث نجدهم بخاصة في قطاعي الهندسة والطب. فراشد الغنوشي الذي درس الفلسفة مثلا يمثل تقريبا استثناء في بحر من خريجي العلوم الصحيحة. فعلي العريض مهندس وكذلك حمادي الجبالي… كما رصدنا أن الحركات الإسلامية تستقطب …

أكمل القراءة »

من الجزائر إلى تونس: هل يمكن للجيوش أن تلعب دورا سياسيا اقتصاديا في الوطن العربي؟ بقلم رياض الصيداوي

2 أكتوبر 2014

اضف تعليق
537 زيارة


rt 1382014 intervention etrang3 ok

تعتبر مؤسسة الجيش العمود الفقري لأي دولة. وهي تلعب بالضرورة أدوارا خفية أو علنية في جميع الدول الغربية أو الشرقية. الجيش التونسي وجد نفسه في قلب الأحداث السياسية في تونس من يوم 17 ديسمبر 2010 إلى اليوم. هو الذي أنجح “الثورة” برفضه إطلاق النار على المتظاهرين وإعطائهم إشارات بأنه يقف في صفهم هذه المرة على عكس أحداث جانفي 1978 حينما …

أكمل القراءة »

“بيروت 82: الحرب المنسية” المفارقة بين حجم الحقائق وحجم الاهتمام. بقلم معن بشور

15 سبتمبر 2014

اضف تعليق
108 زيارة


معن بشور

هناك مفارقة مرعبة بين حقائق الحرب الإسرائيلية – اللبنانية الأولى (1982) وبين حجم الاهتمام الإعلامي والسياسي بها وهو ما يتطلب التعمقّ في دراسة أسباب هذا التجاهل والتناسي…. وأحيانا التنصل منها، والتنكر لدروسها ومعانيها وأبرزها دور المقاومة في تحرير الأرض ودور الوحدة في انتصار المقاومة. بل أن هذه الحقائق ما زالت صالحة حتى اليوم لاعانتنا على فهم ما يجري حولنا فندرك …

أكمل القراءة »

بم نبدأ؟ معالم خطة وطنية لمواجهة الأخطار المحتملة

6 أغسطس 2014

اضف تعليق
70 زيارة


عبــد الفتـــاح نعــــوم

كل المقاتلين المغاربة في بؤر التوتر مآلهم إلى المغرب، ذلك مشروط فقط بنجاتهم وبحدوث اتفاق دولي على مجابهة وجودهم في العراق وسوريا ولبنان. فالواضح أن أمن السعودية وتركيا بات على المحك، ناهيك عن أمن أوروبا. وكلما مضى وقت اكبر في انتظار إنجاز تفاهمات دولية وإقليمية على الملفات الجيواستراتيجية العالقة، كلما تمدد الخطر متجاوزا الخطوط الحمراء. فالإرهاب أداة خطرة في الضغط …

أكمل القراءة »

رجال دين أم حفنة من النصابين والشلايتية والفاشلين والاغبياء : مقالة في سيكولوجية رجال الدين الجدد

3 أغسطس 2014

اضف تعليق
784 زيارة


موسى الحسيني

د . موسى الحسيني [email protected] هناك ملاحظة قد لم ينتبه لها البعض وهي : ان الاجيال الجديدة من رجال الدين من الطائفتين الشيعة والسنة هم عادة من الطلاب الفاشلين في دراساتهم ، ومحدودي الذكاء ، وبعضهم من ابناء الشوارع الذين قضوا طفولتهم ومراهقتهم على هامش الحياة يتنقلون بين اعمال وافعال ومهن متواضعة او من تلك التي تتميز باعتمادها على الشطارة …

أكمل القراءة »